×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الأول

 ولهذا نهى عن السجود لله بين يدي الرجل، وعن الصلاة إلى ما عُبِد من دون الله، كالنار ونحوها.

وفي هذا الحديث أيضًا: نهى عما يشبه فعل فارس والروم، وإن كانت نِيَّتُنَا غير نيتهم لقوله: «فَلاَ تَفْعَلُوا».

فهل بعد هذا في النهي عن مشابهتهم في مجرد الصورة غاية؟

ثم هذا الحديث - سواء كان مُحكَمًا في قعود الإمام، أو منسوخًا - فإنَّ الحجة منه قائمة؛ لأنَّ نسخ القعود لا يدلُّ على فساد تلك العلَّة، وإنما يقتضي أنه قد عارضها ما ترجّح عليها، مثل كون القيام فرضًا في الصلاة، فلا يسقط الفرض بمجرد المشابهة الصُّوريّة، وهذا محل اجتهاد.

وأما المشابهة الصُّوريّة: فإذا لم تسقط فرضًا فإن تلك العلّة التي علّل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم تكون سليمة عن معارض أو عن نسخ؛ لأن القيام في الصلاة ليس بمشابهة في الحقيقة، فلا يكون محذورًا، فالحكم إذا عُلِّل بعلّة ثم نسخ مع بقاء العِلّة. فلا بد أن يكون غيرها ترجّح عليها وقت النسخ، أو ضعف تأثيرها، أما أن تكون في نفسها باطلة فهذا محال.

هذا كله لو كان الحكم هنا منسوخًا، فكيف والصحيح أنَّ هذا الحديث محكم، قد عَمِل به غير واحد من الصحابة بعد وفـاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع كونهم علموا بصلاته في مرضه الذي توفِّي فيه.

وقد استفاض عنه صلى الله عليه وسلم الأمر به استفاضة صحيحة صريحة، يمتنع معها أن يكون حديث مرض موته ناسخًا له، على ما هو مقرر في غير هذا الموضع: إما بجواز الأمـرين، إذ فعل القيام لا ينافي فعل


الشرح