القعود. وإما بالفرق بين المبتدئ للصلاة قاعدًا،
وبين الصلاة التي ابتدأها الإمام قائمًا؛ لعدم دخول هذه الصلاة في قوله: «وَإِذَا
صَلَّى قَاعِدًا» ولعدم المفسدة التي علَّل بها؛ ولأن بناء فعل آخِر الصلاة على
أولها أوْلى من بنائها على صلاة الإمام، ونحو ذلك من الأمور المذكورة في غير هذا
الموضع.
وأيضًا فعن
عبادة بن الصّامت رضي الله عنه قال: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا
اتَّبَعَ الجَنَازَةَ لَمْ يَقْعُدْ، حَتَّى تُوضَعَ فِي اللَّحْدِ، فَتَعَرَّضَ
لَهُ حَبْرٌ، فَقَالَ: هَكَذَا نَصْنَعُ يَا مُحَمَّدُ، قَالَ: فَجَلَسَ رَسُولُ
اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ: «خَالِفُوهُمْ» ([1]) رواه
أبو داود وابن ماجه والترمذي. وقال الترمذي: بشر بن رافع ليس بالقوي في الحديث.
قلت: قد اختلف العلماء
في القِيام للجنازة إذا مَرَّت، ومعها إذا شُيّعت. وأحاديث الأمر بذلك كثيرة
مستفيضة، ومن اعتقد نسخها أو نسخ القيام للمارة، فعمدته حديث عليّ وحديث عبادة هذا
وإن كـان القول بهما كليهما ممكنًا؛ لأن المشيِّع يقوم لها حتى توضَعَ عن أعناق
الرِّجـال، لا في اللَّحد، فهذا الحديث إما أن يقال به جمعـًا بينـه وبين غيره، أو
يكون ناسخًا لغيره، وقد عُلّل بالمخالفة.
ومن لا يقول به
يضعِّفه، وذلك لا يقدح في الاستشهـاد والاعتضاد به على جنس المخالفة.
وقد روى البخاري عن عبد الرحمن بن القاسم: أَنَّ القَاسِمَ كَانَ يَمْشِي بَيْنَ يَدَيِ الجَنَازَةِ وَلاَ يَقُومُ لَهَا، وَيُخْبِرُ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ:
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (3176)، والترمذي رقم (1020)، وابن ماجه رقم (1545).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد