×
الشرح المختصر على متن زاد المستقنع الجزء الثاني

وأمَّا خُسُوفُ الْقَمر؛ فسَببُه تقَابُل الشَّمسِ والقَمر، وتكونُ الأرضُ بينهما فتحجِبُ ضوءَ الشَّمسِ عن القمر، وهذا لا يكونُ إلاَّ في ليلةِ «الإبدار»، ليلةَ الرَّابع عشر، أو ليلةَ الخامسَ عشر، إذا تقابَل النَّيِّران وصارتِ الأرضُ بينهما، فإن ظِلَّ الأرضِ يحجِبُ الشَّمسَ عن القمر، وقد يكونُ خسوفًا كاملاً، وقد يكونُ خسوفًا جزئيًا، فهذا هو السَّبب، وهذا يُدرَك بالحِساب، ولذلك يُخبرون عنه قبلَ أنْ يحدُث.

ولكن؛ هذا وإن كان يُدرَكُ بالحِساب، فلا يمنَعُ أن يكونَ علامةً على نزولِ عذاب، أو حُدُوثِ ضررٍ لأهلِ الأرض؛ لأنَّ هذا التغيُّرَ الذي يُصيبُ النَّيِّرين تخويفًا للعباد، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللهِ، يُخَوِّفُ اللهُ بِهِمَا عِبَادَهُ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهُمَا ذَلِكَ فَصَلُّوا وَادْعُوا، حَتَّى يَنْكَشِفَ مَا بِكُمْ» ([1])، ولما كَسفَتِ الشَّمسُ في عهدِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، خرَج فزِعًا، يَجُرُّ رداءَه، يخَشى أن تكونَ السَّاعة، فيَخشَى على العِبادِ من حُدوثِ نِقْمةٍ أو عذابٍ عندَ الكُسوفِ أو الخُسوف، فيدعون اللهَ جل وعلا، أن يكشِفَ هذا الذي حصَل لأحدِ النَّيِّرين.

وصلاةُ الكسوفِ سُنَّةٌ مُؤكَّدة، فعلَها النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، وأمَر بها وأجمعَ عليها المسلمون، وبعضُهم استنبطَها من قولِه تعالى: ﴿وَمِنۡ ءَايَٰتِهِ ٱلَّيۡلُ وَٱلنَّهَارُ وَٱلشَّمۡسُ وَٱلۡقَمَرُۚ لَا تَسۡجُدُواْ لِلشَّمۡسِ وَلَا لِلۡقَمَرِ وَٱسۡجُدُواْۤ لِلَّهِۤ ٱلَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمۡ إِيَّاهُ تَعۡبُدُونَ [فصلت: 37]، قالوا: المراد بالسُّجود، صلاةُ الكُسُوف.


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (993)، ومسلم رقم (911).