×
الشرح المختصر على متن زاد المستقنع الجزء الثاني

الشِّركِ وإدخالِهم في الإسلامِ، الَّذي هو عَيْنُ مَصْلحتِهم، ومن أجْلِ إخراجِهم منَ الظُّلماتِ إلى النُّورِ، ومِن عبادَةِ الشَّيطانِ، وعبادةِ الجَبابرَةِ، والطَّواغيتِ، إلى عبادَةِ اللهِ الَّذي خلقَهَم سبحانه وتعالى، هذا هو المَقصودُ منَ الجِهادِ في سَبيلِ اللهِ، فهو مَقصودٌ أعْلَى، ومَقصودٌ أسْمَى.

والجهادُ كما يقولُ العَلاَّمةُ ابنُ القيِّمِ في «زادِ المَعادِ» ([1]) شُرِعَ على مَراحلَ، أو مرَّ بمراحِلَ:

المرحلةُ الأُولَى: كان مَنهِيًّا عنه وذلكَ لمَّا كانَ المُسلمونَ في مكَّةَ، وكانُوا عاجزينَ عن قِتالِ العَدُوِّ، فإنَّهم مَأمُورونَ بإقامِ الصَّلاةِ والعِبادةِ، وأُمِرُوا بأنْ يَكُفُّوا أيْديَهم؛ لأنَّهم لو جاهَدُوا في هذهِ الحالَةِ لانعَكَسَ الأمْرُ عليهِم، وصارَ عَلَيْهم ضرَرٌ؛ لأنَّهم لا يَستطيعونَ القِتالَ، وهُم في وسَطِ أمَّةٍ كافِرَةٍ لها الغَلبَةُ ولها القُوَّةُ، فالمسلمونَ في هذهِ الحالةِ يَكفُّونَ أيدِيَهم، ويَعبُدونَ اللهَ عز وجل ويَدعُونَ إلى اللهِ بالحِكمَةِ والمَوعظَةِ الحَسنةِ، فكانوا في الأوَّلِ مَنهِيِّينَ عنِ الجِهادِ لمَّا كانوا في مكَّةَ، ولم يكُنْ لهمْ دَولَةٌ ولم يكن لهُم سُلطَةٌ وقُوَّةٌ. كانوا مَنهِيِّينَ: ﴿أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ قِيلَ لَهُمۡ كُفُّوٓاْ أَيۡدِيَكُمۡ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ [النساء: 77] هذا في أوَّلِ الأَمْرِ، هذهِ المرحلةُ الأُولى.

المرحلةُ الثَّانيةُ: لمَّا هاجَرَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى المَدينَةِ، أُذِنَ لهُ في القِتالِ إِذْنًا لا أمْرًا، قالَ تَعالى ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَٰتَلُونَ بِأَنَّهُمۡ ظُلِمُواْۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ نَصۡرِهِمۡ لَقَدِيرٌ ٣٩ ٱلَّذِينَ أُخۡرِجُواْ مِن دِيَٰرِهِم بِغَيۡرِ حَقٍّ إِلَّآ أَن يَقُولُواْ رَبُّنَا


الشرح

([1])انظر: «زاد المعاد» (3/ 71).