×
الشرح المختصر على متن زاد المستقنع الجزء الثاني

ويُسَنُّ أنْ يُصْنَعَ لأهْلِ الميِّتِ طَعامٌ يُبْعَثُ به إليهِم، ويُكْرَهُ لهُم فِعْلُه للنَّاسِ.

*****

هذهِ الأُمورُ الَّتي ورَدَ بها الدَّليلُ، تُفْعَلُ وتُهْدَى للأمواتِ، أمَّا ما لمْ يَرِدْ به الدَّليلُ فإنَّه يُتَوقَّفُ عنْه، ولا يُعْمَلُ شَيءٌ بدونِ دليلٍ.

«ويُسَنُّ أنْ يُصنعَ لأهْلِ الميِّتِ طعامٌ يُبْعَثُ به إلَيهِم» مُوَاساةُ أهْلِ المَيِّتِ بعْدَ دَفْنِه تُشْرَعُ؛ لأنَّهم حلَّتْ عليهِم مُصِيبةٌ، فيُشرَعُ لإخوانِهم أنْ يُواسُوهم، وأنْ يُخَفِّفُوا عنهم أَلَمَ المُصِيبةِ.

ومِن ذلكَ، صُنْعُ الطَّعامِ لهُم بقَدْرِ حاجاتِهم؛ لأنَّهم مُشْغَلُونَ عن إعدادِ الطَّعامِ لأنفَسِهم بالمُصِيبَةِ؛ لقوْلِه صلى الله عليه وسلم لمَّا جاءَ نَعْيُ جَعْفَرَ بنِ أبي طالبٍ رضي الله عنه قالَ: «اصْنَعُوا لآِلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا فَإنَّهُ جَاءَهُمْ مَا يَشْغَلُهُمْ» ([1])ويكونُ هذا الطَّعامَ بقَدْرِ حاجَةِ أهْلِ المَيتِ، ليسَ بهِ زِيادَةٌ؛ لأنَّ هذا الَّذي وَرَدَ بهِ الدَّليلُ.

أمَّا التَّوَسُّعُ في صِناعَةِ الأطْعِمَةِ أكثَرَ منْ حاجَةِ أهْلِ الميتِ، فهذا إسرافٌ وتَبْذيرٌ وبِدْعَةٌ فلا يجوزُ، وقد رَأَيْنا في بعْضِ البلادِ إذا ماتَ مَيِّتٌ لأحَدٍ يتزاحَمونَ في تَقْديمِ الأطْعِمةِ حتَّى تَتَكدَّسَ الأطْعِمَةُ، ويكونُ لا داعيَ لها ولا حاجَةَ إليها، هذا إسرافٌ، وهذا تَبْذيرٌ، فلا تُصْنَعُ إلاَّ بقَدْرِ حاجَتِهم فقطْ، هذا هوَ الَّذي ورَدَتْ بهِ السُّنَّةُ.


الشرح

([1])أخرجه: أبو داود رقم (3132)، والترمذي رقم (998)، وابن ماجه رقم (1610)، وأحمد رقم (1751).