×
الشرح المختصر على متن زاد المستقنع الجزء الثاني

بابُ عقْدِ الذِّمَّةِ وأحْكامِها

لا يُعْقَدُ لغَيرِ المَجوسِ وأهْلِ الكِتابَيْنِ ومَن تَبِعَهم، ولا يَعْقِدُها إلا الإمامُ ونائِبُه.

*****

 «بابُ عقْدِ الذِّمَّةِ وأحْكامِها» لمَّا سَبَقَتِ الإشارَةُ إلى الجِزيَةِ، وهيَ ما يُؤخَذُ من مالِ أهلِ الكِتابِ أو المَجوسِ في مُقابِلِ أمْنِهم ومُقابِلِ إقامَتِهم في بلادِ المُسلمينَ تحْتَ حكْمِ المُسلمينَ أرادَ المُصنِّفُ رحمه الله أنْ يُبيِّنَ في هذا البابِ من هُمُ الَّذينَ تُعقَدُ لهمُ الذِّمَّةُ، وتُؤخَذُ منهمُ الجِزيَةُ، والذِّمَّةُ مَعناها: العَهْدُ ([1])؛ لأنَّ مَن عاهده فقد صارَ في ذِمَّتِك وصارَ تحْتَ مَسْئُولِيَّتِكَ، وصارَ حُكْمُه مُعلَّقًا بكَ بمُوجِبِ الذِّمَّةِ وبمُوجِبِ العَهْدِ.

«لا يُعقَدُ لغَيرِ المَجوسِ وأهلِ الكِتابَيْنِ ومَن تَبعَهم» والقوْلُ المَشهورُ الَّذي عليهِ أهْلُ العِلْمِ ([2])؛ أنَّ الذِّمَّةَ لا تُعقَدُ إلاَّ لثَلاثِ طَوائِفَ، المَجوسُ: وهُم الَّذينَ يَعبُدون النَّارَ، وأهلُ الكِتابَيْنِ: اليَهودُ والنَّصارى ومَن تَبِعَهم، يعني مَن تَديَّنَ بدِينِهم ولو لمْ يكُنْ في الأصْلِ منهُم، فمَن تَديَّنَ بدِينِ المَجوسِ ولو لمْ يكنْ مَجُوسيًّا أصْلاً ُعومِلَ مُعامَلَةَ المَجوسِ، ومَن تَديَّنَ بدِينِ اليَهودِ صارَ يهودِيًّا وعُومِلَ معُامَلَة اليَهودِ ولو لم يكُنْ يَهودِيًّا أصْليًّا، وكذلكَ مَن تَديَّنَ بدِينِ النَّصارى، مِثْلُ العَربِ الَّذينَ دَانوا بدِينِ اليهودِ، أو العربِ الَّذينَ دَانوا بدِينِ النَّصارى، يأخُذونَ حُكْمَهم؛


الشرح

([1])انظر: «القاموس المحيط» (ص: 1434).

([2])انظر: «المغني» (13/ 203).