والقَوْلُ الثَّاني: أنَّه يُصَلَّى على
الغائِبِ مُطْلقًا؛ لأنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم صلَّى على النَّجاشِي ([1]).
القَوْلُ الثَّالثُ: إنْ كانَ هذا
المَيِّتُ عادِيًّا ليسَ له شَأْنٌ، فهذا يَكْفِى الصَّلاةُ في مَوْضِعه، ولا
يُصَلَّى عليهِ صلاةُ الغائِبِ؛ لأنَّ المُسلمينَ كَثيرونَ؛ ويَموتُونَ في أصْقاعِ
الأرْضِ، ولو كنَّا نُصَلِّي على كلِّ مَيِّتٍ غائِبٍ كنَّا دائِمًا نُصَلِّي؛
لأنَّ الأمْواتَ دائِمًا في الدَّقيقَةِ والسَّاعةِ، فإذا كانَ هذا المَيِّتُ منْ
سائرِ المُسلمينَ فإنَّه لا يُصَلَّى عليه صَلاةُ الغائِبِ.
أمَّا إنْ كانَ هذا
المَيِّتُ له شأنٌ في الإسْلامِ، كالعالِمِ، أو السُّلْطانِ، أو إمامِ
المُسْلمينَ، فهذا يُصَلَّى عليه، زِيادَةً في أجْرِهِ وتَقْدِيرًا لجُهُودِه في
الإسلامِ، كما فَعَلَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم معَ النَّجاشِيِّ، فإنَّ
النَّجاشِيَّ رحمه الله كانَ له جُهُودٌ عظِيمَةٌ في الإسلامِ، لما هَاجَرَ إليه
المُسلمونَ في الحَبَشةِ أكْرَمَهُم وهوَ نَصْرانِيٌّ وسَمِعَ القُرآنَ منْهُم
ثمَّ أسْلَمَ، وكانَ يُرَاسِلُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، فلَهُ مَوَاقِفُ في
الإسلامِ، فلهَذا صلَّى عليهِ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم تَقْديرًا لشَأْنِه،
فإذا كانَ الغائِبُ له شَأْنٌ في الإسلامِ كالعالِمِ، ووَلِيِّ المُسلمينَ، أو
قائِدِ الجُيوشِ في سَبيلِ اللهِ، فهؤلاءِ يُصَلَّى عليهِم صلاةَ الغائِبِ؛ لأجْلِ
زِيادَةِ حَسناتِهِم وتَقْديرًا لأعْمالِهِم الجَليلَةِ، أمَّا العادِي منَ
المُسلمينَ، فإنَّه لا يُصَلَّى عليه صَلاةُ الغائِبِ.
ولعَلَّ هذا هو أحْسَنُ الأقوالِ.
([1])أخرجه: البخاري رقم (1254)، ومسلم رقم (952).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد