نقولُ: يَكْفِينا
قَوْلُها: «نُهِينَا عَنِ زِيَارَةِ الْقُبُورِ، وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا»،
وأمَّا قَوْلُها: «وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا» فهذا اجتهادٌ منْهَا، وظنٌّ
منها رضي الله عنها، وكمَا قُلْنا في فِعْلِ عائشَةَ هذا اجْتهادٌ، لا يُعارَضُ
بهِ النَّصُّ عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
وإن قالوا: إنَّ
النِّساءَ تَدْخُلُ في عُمُومِ قولِه: «زُورُوا»، هذا لفْظٌ عامٌّ.
نقولُ لهم: هذا
لفْظٌ مُذَكُّرٌ خاصٌّ بالرِّجالِ، ولو سلَّمْنا أنَّه لفْظٌ عامٌّ فقدْ خصَّصَهُ
قوْلُه صلى الله عليه وسلم: «لَعَنَ الله زَائِرَاتِ الْقُبُورِ».
وإنْ قالوا: إنَّ
النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم مرَّ على امرأَةٍ عندَ قَبْرٍ، وهيَ تَبْكِي، قالَ
لها: «يَا أَمَةَ اللهِ اصْبِرِي...» الحديثُ ([1])، ولمْ يَنْهَهَا
عنْ زيارَةِ القبْرِ، وإنَّما نَهَاها عنِ الجَزَعِ.
نقولُ: هذا
مَحْمُولٌ على أنَّه في أوَّلِ الأمْرِ، ثمَّ نُسِخَ بعدَ ذلكَ.
فقوْلُه صلى الله
عليه وسلم: «لَعَنَ الله زَائِرَاتِ الْقُبُورِ»، أو: «زَوَّارَاتِ
الْقُبُورِ» يَحْسِمُ هذا المَوضوعَ لمَن يُريدُ الحقَّ، أمَّا مَن يُريدُ
الالْتِوَاءَ فهذا لا حِيلَةَ فيهِ، كلَّما جِئْتَه من جِهَةٍ ذهَبَ مع جِهَةٍ
أخْرى، لكنَّ الذي يَفْصِلُ بينَنا هو كلامُ الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم، واللهُ
جل وعلا يقولُ: ﴿فَإِن
تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ
بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلًا﴾ [النساء: 59].
وسواءٌ كانَتِ القُبورُ، قبْرَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وصاحِبَيْهِ أو غيرَها منَ القُبورِ، يَتَناوَلُها قوْلُه صلى الله عليه وسلم: «لَعَنَ الله زَائِرَاتِ الْقُبُورِ» لقبرِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ولغَيْرِه، فالمَرأَةُ لا تَزورُ القُبورَ، فيَتناوَلُ قبْرَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وغَيْرِه.
([1])أخرجه: البخاري رقم (1194)، ومسلم رقم (926).
الصفحة 3 / 452
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد