كتابُ الزَّكاةِ
*****
«كتاب الزكاة» لما فَرَغَ المُؤلِّفُ
رحمه الله منْ بيانِ أحكامِ الصَّلاةِ - وهيَ الرُّكْنُ الثَّاني مِن أركانِ
الإسلامِ - انتَقَلَ إلى الرُّكْنِ الثَّالثِ وهُوَ الزَّكاةُ، لأنَّ الزَّكاةَ
قرينةُ الصَّلاةِ في كتابِ اللهِ عز وجل، فقدْ وَرَدَ ذِكْرُها مَقرونةً مع
الصَّلاةِ في اثْنيْنِ وثمانِينَ مَوْضِعًا منَ القُرآنِ، ممَّا يدُلُّ على
أهمِّيَّتِها ومكانَتِها في الإسلامِ.
و «الزَّكاةُ»:
لغةً: الطَّهارةُ([1]): قالَ اللهُ سبحانه
وتعالى: ﴿هُوَ
ٱلَّذِي بَعَثَ فِي ٱلۡأُمِّيِّۧنَ رَسُولٗا مِّنۡهُمۡ يَتۡلُواْ عَلَيۡهِمۡ
ءَايَٰتِهِۦ وَيُزَكِّيهِمۡ﴾ [الجمعة: 2] يعني: يُطَهِّرُهم منَ الكُفْرِ والأخْلاقِ
الرَّذيلَةِ. وفى الأَثَرِ: «زَكَاةُ الأَْرْضِ يُبْسُهَا» ([2]) يعنى: طهارَتُها منَ النَّجاسَةِ إذا نَشَّفَتْهَا
أشِعَّةُ الشَّمْسِ.
وتُطْلَقُ «الزَّكاةُ»
ويُرادُ بها النَّماءُ والزِّيادَةُ؛ لأنَّها تُنَمِّي المُزَكِّى ([3]) وتَزيدُه، كما قالَ
صلى الله عليه وسلم: «مَا نَقَصَ مَالٌ مِنْ صَدَقَةٍ» ([4]) بلْ تَزيدُه.
فالزَّكاةُ إذًا
تُطْلقُ على الطَّهارةِ منَ الأنجاسِ والأقْذارِ الحِسِّيَّةِ والمَعْنويَّةِ
وتُطلقُ على النَّماءِ والزِّيادةِ والبَرَكَةِ.
والزَّكاةُ أنواعٌ:
النَّوعُ الأوَّلُ: زكاةُ النَّفْسِ، قالَ اللهُ سبحانه وتعالى: ﴿وَنَفۡسٖ وَمَا سَوَّىٰهَا ٧ فَأَلۡهَمَهَا
([1])انظر: «لسان العرب» (14/ 358).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد