وبَعَثَ صلى الله
عليه وسلم الَّذينَ يَخْرُصونَ ([1]) الثِّمارَ؛ من أجْلِ
معْرِفَةِ ما يجبُ فيها منَ الزَّكاةِ.
فهذا ممَّا يدُلُّ
على الاهتمامِ بأمْرِ الزَّكاةِ، وأنَّه يجِبُ على وَلِيِّ أمرِ المسلمينَ أنْ
يَهْتَمَّ بها، وأنْ يُلْزِمَ بها كلَّ مُسلمٍ تَجِبُ عليه الزَّكاةُ، وأنْ لا
يَتَهاوَنَ بها.
فمَن جَحَدَ وُجوبَ
الزَّكاةِ فإنَّه كافرٌ مُرْتدٌّ عنْ دِينِ الإسلامِ، لأنَّه مُكَذِّبٌ للهِ
ولرَسولِه، ولِمَا عُلِمَ منَ الدِّينِ بالضَّرورةِ، ولو كانَ يَرَى أنَّها مُسْتحبَّةٌ
أو أنَّها طَيَّبةٌ، لكنَّه يقولُ: إنَّها ليسَتْ بفَرْضٍ، مَن شاءَ يُزَكِّي، ومن
شاءَ لا يُزَكِّي، فإنَّ هذا كافرٌ مُرتدٌّ عنْ دينِ الإسلامِ.
وأمَّا مَن مَنَعَها
بُخْلاً وهوَ يُقِرُّ بوُجوبِها، فهذا يجِبُ على وَلِيِّ الأمْرِ إلْزامُه
بدَفْعِها، فإنْ أَبَى فإنَّه يَأْخُذُها منْه ويُعَزِّرُه، وإنِ احْتاجَ الأمْرُ
إلى قِتَالٍ: كأنْ يكونَ عندَ المُمْتنِعِ منَ الزَّكاةِ شَوْكَةٌ، فإنَّه يجِبُ
قِتالُه حتَّى يَخْضَعَ للزَّكاةِ؛ كما قاتَلَ أبو بكْرٍ الصَّدِّيقُ رضي الله عنه
ومعَهُ صحابَةُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مانعي الزَّكاةِ، حتَّى أخْضَعُوهم
لحُكْمِ الإسلامِ ودَفْعِ الزَّكاةِ، ممَّا يَدُلُّ على مَكانَةِ هذهِ الشَّعيرَةِ
العَظيمَةِ.
وهيَ حقٌّ للفُقراءِ والمَصارِفِ المَذْكُورةِ في قوْلِه تَعالى: ﴿إِنَّمَا ٱلصَّدَقَٰتُ لِلۡفُقَرَآءِ وَٱلۡمَسَٰكِينِ وَٱلۡعَٰمِلِينَ عَلَيۡهَا وَٱلۡمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمۡ وَفِي ٱلرِّقَابِ وَٱلۡغَٰرِمِينَ وَفِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱبۡنِ ٱلسَّبِيلِۖ فَرِيضَةٗ مِّنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٞ﴾ [التوبة: 60]، فهِيَ ليسَتْ مِن بابِ الاسْتحبابِ أو مِن بابِ
([1])خَرَصَ الثمر: حَزَرَهُ وقدره بالظن. «المعجم الوسيط» (ص: 227).
الصفحة 5 / 452
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد