×
الشرح المختصر على متن زاد المستقنع الجزء الثاني

ومَعنى «غُمَّ عَلَيكُم» يعني: لمَ يُرَ الهِلالُ بسَبَب الغَيمِ أو القَتَر ([1])، فإنَّ المُسلِمين يُكمِلون شَعبانَ ثَلاثِينَ يومًا، لِمَا جاء فِي الرِّوايَة الأُخرَى: «فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا شَعْبَانَ ثَلاَثِينَ يَوْمًا» ([2]). هَذَا هو الأَمرُ الثَّانِي.

ولا يَجُوز الصِّيامُ بِناءً عَلَى الحِسابِ الفَلَكِيِّ؛ لأنَّ هَذَا شيء لم يَشْرَعْه الله ولم يَشْرَعْه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، فالنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم علَّق الصِّيام بالرُّؤيَة فقال: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ» فلا يَجُوز الصِّيام إلاَّ بأَحَد أَمريْنِ، إمَّا برُؤيَة الهِلالِ كما هنا، وإمَّا بإِكمالِ شَعبانَ ثَلاثينَ يومًا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ» ([3]).

والحِسابُ الفَلَكِيُّ لا يَجُوز أن يُعلَّق به الصِّيام؛ لأنَّه عمل بَشَري يُخطِئ ويُصِيب ولا يُحسِنه كلُّ أحدٍ، ولأنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يأمُرْنا بالصِّيام بِناءً عَلَى الحِسابِ الفَلَكِيِّ، وإنَّما أَمَرنا بالصِّيامِ بناءً عَلَى رُؤيَة الهِلالِ.

والرُّؤية سواءٌ كانت بالعَينِ المُجرَّدَة أو بواسِطَة المُكَبِّرات والمَناظِير التي بالمَراصِد أو غَيرِها، فإنَّ هَذَا لا يُخرِج الأَمرَ عن الرُّؤيَة، لَكِنَّها صارَت رُؤيَة بواسِطَة، ولا مانِعَ أن يُستَعان بالآلاتِ المُكبِّرَة والمَراصِد لرُؤيَة الهِلالِ؛ ولكنَّ هَذَا ليس بواجِبٍ.


الشرح

([1])القترة: غَبَرة يعلوها سواد كالدخان. «لسان العرب» (5/71).

([2])أخرجه: البخاري رقم (1810)، ومسلم رقم (1081).

([3])أخرجه: البخاري رقم (1801)، ومسلم رقم (1080).