×
الشرح المختصر على متن زاد المستقنع الجزء الثاني

«أوْ حَجَمَ أَوِ احْتَجَمَ وَظَهَرَ دَمٌ» وكذلِكَ مِنَ المُفطِراتِ بالاستخراجِ الحِجامَةُ، وهِيَ استِخراجُ الدَّمِ بواسطةِ المِحْجَمِ، وَالحِجامَةِ عِلاجٌ معْرُوفٌ عِندَ العرَبِ، وفي الطِّبِّ النَّبَوِيِّ، فإذا أخرَجَ الدَّمَ مِن جِسْمِه بحِجامةٍ أو بِفَصْدٍ أو بِسَحْبٍ بالطُّرُقِ الحَدِيثةِ، وهو ما يُسَمَّى «سَحْب الدَّمِ» للإسعافِ أو للتَّبرُّعِ به. فإنَّهُ يُفطِرُ لِقولِه صلى الله عليه وسلم لمَّا رَأَى رَجُلاً يَحْتَجِمُ، وهو صائِمٌ، قالَ صلى الله عليه وسلم: «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ» ([1]) فدَلَّ علَى أنَّ الحِجامةَ تُفْطِرُ الصَّائِمَ، وكَذلِكَ ما كانَ مِثْلَ الحِجامَةِ، مِثل الفَصْد، ومثل سَحْب الدَّمِ بالطُّرُقِ الطِّبِّيَّةِ المعرُوفةِ الآن، فإنَّها بمعْنَى الحِجامَةِ؛ فتُبْطِلُ الصِّيامَ. أمَّا استِخْراجُ الدَّمِ اليَسِيرِ للتَّحلِيلِ - مثلاً - لاَ يُؤَثِّرُ عَلَى الصِّيامِ؛ لأَِنَّهُ ليسَ مِثْلَ الحِجامَةِ، فإذا أخَذَ نوْعِيَّةً مِنَ الدَّمِ أو عَيِّنَةً يَسِيرَةً مِنَ الدَّمِ للتَّحلِيلِ، فهَذا لا يُؤثِّرُ عَلَى صِيامِهِ؛ لأَِنَّهُ ليسَ بِمَعْنَى الحِجامَةِ، وكذلِكَ لَوْ أخرَجَ أو خلَعَ ضِرْسًا يُؤْلِمُه في أثناءِ الصِّيامِ، ونَزَفَ مِنهُ دَمٌ، فإنَّ هذا لا يَبْطُلُ صِيامُه؛ لأَِنَّهُ بغيرِ اختيارهِ، ولأَِنَّهُ ليسَ بِمَعْنَى الحِجامَةِ.

وقوْلُه: «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ» الحَاجِمُ؛ لأنَّ الدَّمَ قدْ يَصِلُ إلى حلْقِهِ بِسَبَبِ المَصِّ.

والمَحْجُومُ؛ لأَِنَّهُ أخرجَ الدَّمَ الَّذِي بِه قُوَّةُ جِسْمِه، فَيُفْطِرُ بِذلك.


الشرح

([1])أخرجه: أبو داود رقم (2369)، والترمذي رقم (774)، وابن ماجه رقم (1680)، وأحمد رقم (876).