فَمِمَّا تقدَّمَ
بيانُه في أحكامِ الاعتكافِ، وأنَّهُ يُشتَرَطُ في صِحَّتِه أن يكُونَ في مسجدٍ
يُجمَّعُ فيه - أي تُصلَّى فيه صلاةُ الجماعةِ - نأخذُ مِن ذلك: أن الخَلوةَ الّتي
تقطَعُ عَنْ صلاةِ الجُمُعةِ والجماعة أنَّها خَلوةٌ غيْرُ مشروعَةٍ، كما عليه
بعضُ المُبتَدِعَةِ، فإنَّ ابنَ عبَّاسٍ رضي الله عنهما سُئِلَ عن رجُلٍ يقُوم
اللّيلَ، ويصومُ النَّهارَ، إلاَّ أنَّه لا يشْهَدُ الجمعةَ والجماعةَ، فقالَ: هُو
في النَّارِ.
فالانقطاعُ عَن
صلاةِ الجمعة، وعن صلاة الجماعة بِزعْمِ أنَّ هذا المُنقَطِع يخلو لذكر الله عز
وجل في زاوية، أو في خَلْوَةٍ، أو في بيتٍ ممَّا يفعله المبتدعَةُ؛ أنَّ هذا أمرٌ
خارِجٌ عمَّا شرَعَهُ الله سبحانه وتعالى، وهو أمر محرَّمٌ، وليس عبادةً للهِ عز
وجل؛ فإنَّ عبادةَ الله عز وجل تكونُ في بُيوتِه ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ ٱللَّهُ أَن تُرۡفَعَ وَيُذۡكَرَ فِيهَا ٱسۡمُهُۥ
يُسَبِّحُ لَهُۥ فِيهَا بِٱلۡغُدُوِّ وَٱلۡأٓصَالِ ٣٦ رِجَالٞ
لَّا تُلۡهِيهِمۡ تِجَٰرَةٞ وَلَا بَيۡعٌ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِ وَإِقَامِ
ٱلصَّلَوٰةِ وَإِيتَآءِ ٱلزَّكَوٰةِ يَخَافُونَ يَوۡمٗا تَتَقَلَّبُ فِيهِ ٱلۡقُلُوبُ وَٱلۡأَبۡصَٰرُ﴾ [النور: 36- 37].
هذه صِفةُ المؤمنين؛ أنَّهم يُلازِمُونَ المساجِدَ، ويلازِمُونَ الجُمَع والجماعاتِ، ولا يَتخلَّفونَ عنها: إِمَّا لِكَسلٍ، وإمَّا بِحُجَّةِ أنَّهم يَخْلُونَ مع رَبِّهم، وينقَطِعونَ عَنِ النَّاسِ، كما عليهِ رَهبانِيَّةُ النَّصارَى؛ فهَذا شيءٌ، لم يشْرَعْهُ اللهُ ولا رسُولُه؛ وكُلُّ خَلْوَةٍ تقطَعُ عن الجُمعة والجماعةِ والاجتماعِ مع المسلمين، ويحصُلُ بها الانعزالُ عَن مُجتمَعِ المسلمينَ فإنَّها خَلْوَةٌ مُبتدَعة، وفاعِلُها آثِمٌ غيرُ مأجورٍ، فيجِبُ التَّنَبُّهُ لهذا الأمرِ؛ فإنَّ لُزومَ الجُمعةِ والجماعة، وعمارةَ بُيوتِ اللهِ بالذِّكْرِ وطاعةِ
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد