×
الشرح المختصر على متن زاد المستقنع الجزء الثاني

ثمَّ يَرجِعُ فيَبيتُ بمنًى ثلاثَ ليالٍ.

*****

 فعَلَها النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، فيَشرَبُ من ماءِ زَمزَمَ لمَا أحبَّ من الأغْراضِ؛ لقوْلِه صلى الله عليه وسلم: «مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ» ([1])، فيَشْربُه لمَا أحبَّ مِن خَيرَي الدُّنْيَا والآخرةِ؛ لأنَّه ماءٌ مُبارَكٌ ويَتَضلَّعُ منهُ، يعني: يُكْثِرُ منهُ حتَّى يَمْتَلِئَ منهُ بطْنُه.

«ويَدْعو بما وَرَدَ» ويدْعُو عندَ شُرْبِه من ماءِ زَمزمَ بما وردَ، ومنهُ: الَّلهُمَّ اجْعَلْه عِلْمًا نَافِعًا، ورِزْقًا وَاسِعًا، وَرِيًّا وشِبَعًا وشِفاءً من كلِّ داءٍ، الُّلهمَّ اغْسلْ به قَلْبي وامْلأْهُ مِن خَشْيتِكَ ([2]). هذا الذي وردَ أن يُقالَ عندَ شُربِ ماءِ زَمزمَ

«ثمَّ يَرجِعُ فيَبيتُ بمنًى ثلاثَ لَيالٍ» فإذا فَرغَ من طَوافِ الإفاضَةِ والسَّعْي، إن كانَ عليهِ سَعْيٌ؛ فإنَّه لا يَبْقَى في مكَّةَ، بل يرجعُ إلى منًى ويُقيمُ فيها أيَّامَ التَّشريقِ ليلاً ونهارًا، بقاؤُه فيها بالَّليلِ واجِبٌ، أمَّا بَقاؤُه فيها بالنَّهارِ فهو سُنَّةٌ، يَبيتُ فيها ثلاثَ ليالٍ: ليلةَ الحادي عَشَرَ والثَّاني عشَرَ والثَّالثَ عشَرَ، هذا واجِبٌ من واجباتِ الحجِّ لمَن تَأخَّرَ إلى اليَوْمِ الثَّالثِ عشَرَ، أمَّا مَن تَعَجَّلَ فإنَّه يَكْفيه أن يَبيتَ فيها لَيْلتَيْنِ: ليلةَ الحادي عشرَ والثَّاني عشَرَ كما سيأتي، فلو تَرَكَ المَبيتَ فإنَّه يكونُ عليه فِدْيةٌ؛ لأنَّه ترَكَ واجِبًا منْ واجباتِ الحجِّ؛ إلاَّ إنْ كانَ له عُذْرٌ شَرْعِيٌّ يَمْنَعُه منَ المَبيتِ.


الشرح

([1])أخرجه: ابن ماجه رقم (3602)، وأحمد رقم (14849)، والدارقطني رقم (2739)، والحاكم رقم (1739).

([2])أخرجه: الدارقطني رقم (2738)، والحاكم رقم (1739). من قول ابن عباس رضي الله عنهما.