وليسَ الحِكْمَةُ من
مَشروعيَّةِ الجهادِ الاسْتيلاءَ على البلادِ أو المَمالكِ أو أخْذَ أمْوالِهم؛
وإنَّما الجِهادُ شُرِعَ لإعلاءِ كَلمَةِ اللهِ سبحانه وتعالى، وأنْ تكونَ
العِبادةُ له وحدَه لا شَريكَ لهُ؛ لأنَّ العِبادَ عبادُ اللهِ، واللهُ خلَقَهم
ورَزَقَهم ليَعْبُدوه سبحانه وتعالى، فمَن لم يَمْتثِلْ بعدَ أن تُقامَ عليهِ
الحُجَّةُ فإنَّه يُقاتَلُ: ﴿وَقَٰتِلُوهُمۡ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتۡنَةٞ وَيَكُونَ ٱلدِّينُ
لِلَّهِۖ﴾ [البقرة: 193] قال سبحانه وتعالى: ﴿فَٱقۡتُلُواْ ٱلۡمُشۡرِكِينَ حَيۡثُ وَجَدتُّمُوهُمۡ﴾ [التوبة: 5]،
اقتُلوا المُشرِكينَ؛ فوَصَفهم بالشِّركِ، هذا عِلَّةٌ للأمْرِ بقَتْلِهم، أي أنَّ
ذلكَ لأجْلِ شِرْكِهم وعبادَتِهم لغَيرِ اللهِ سبحانه وتعالى، وهذا هُو جِهادُ
الطَّلبِ الَّذي هو قِتالُ الكفَّارِ ابْتداءً.
أمَّا قِتالُ
الدَّفْعِ فهذا إنَّما يكونُ عندَ ضَعفِ المُسلمينَ وعدَمِ قُدْرَتِهم على قتالِ
الطَّلَبِ؛ فإنَّهم يُقاتلونَ دِفاعًا، أمَّا إذا كانَ فِيهم قُوَّةٌ وفيهم
قُدرَةٌ فإنَّهم يُقاتِلونَ الكُفَّارَ قتالَ طلَبٍ لأجْلِ إعلاءِ كلِمَةِ اللهِ
عز وجل، وإظهارِ التَّوحيدِ في الأرضِ، كما قالَ تَعالى ﴿هُوَ ٱلَّذِيٓ أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِينِ ٱلۡحَقِّ
لِيُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُشۡرِكُونَ﴾ [الصف: 9].
أمَّا مَن يَقولُ من
الكُتَّابِ المَخْذولينَ أو الجُهَّالِ: إنَّ الإسلامَ ليسَ فيه قِتالٌ، وليسَ هو
دِينَ قِتالٍ، وإنَّما هُو دِينُ مُسالَمَةٍ مُطْلقًا، يُسالِمُ النَّاسَ،
ويَترُكُهم على ما هُم عليهِ؛ فهذا افْترَاءٌ على الإسلامِ، الإسلامُ هوَ الحَقُّ
وما سِواهُ فهُو الباطِلُ، فيَجِبُ إزالَةُ الباطِلِ وإقرارُ الحَقِّ، وذلكَ لا
يكونُ إلاَّ بالدَّعْوةِ إلى اللهِ سبحانه وتعالى، ثمَّ الجِهادِ في سَبيلِ اللهِ
عز وجل.
نعمْ، الإسلامُ ليسَ دِينَ اعتداءٍ بغيرِ حقٍّ، ولا دِينَ بَغْيٍ بغيرِ حقٍّ، والجهادُ ليسَ اعتداءً، وليسَ بَغْيًا، وإنَّما هو لمصْلحَةِ البَشرِ، لأجلِ إزالَةِ
الصفحة 5 / 452
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد