هذا فيه تفْصيلٌ على النَّحْوِ التَّالي:
1- إنْ كانَتِ
الإقامَةُ التي نَواها أقَلَّ من أربعَةِ أيَّامٍ، فإنَّه يَقْصُرُ الصَّلاةَ؛
لأنَّه لمْ تَنقَطِعْ في حَقِّهِ أحكامُ السَّفَرِ، والأصْلُ في المُسافِرِ جَوازُ
القَصْرِ.
2- إذا أقامَ
إقامَةً لمْ يُحَدِّدْها، وإنَّما هو مُقِيمٌ لأجْلِ حُصولِ شَيءٍ، لا يَدْري
مَتَى يَحْصُلُ، هذا أيْضًا يَقْصُرُ ولو طالَتْ مُدَّةُ الإقامَةِ؛ لأنَّه ما
نَوَى إقامَةً مُحَدَّدةً، وإنَّما نَوَى قَضاءَ حاجَتِه فَقَطْ.
3- إذا نَوَى
إقامَةً أكثَرَ من أرْبَعَة أيَّامٍ، فهَذا يَلْزَمُه الإتْمامُ؛ لأنَّ الأصْلَ في
المُقيمِ أن يُتِمَّ الصَّلاةَ، لأنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَدِمَ إلى
مَكَّةَ في حجَّةِ الوَداعِ صَبيحَةَ رابعَةٍ من ذِي الحجَّةِ، وبَقِيَ في
الأبْطَحِ اليومَ الرَّابعَ والخامسَ والسادسَ والسابعَ؛ هذهِ أربعَةُ أيَّامٍ،
وفي اليومِ الثَّامِنِ - يومَ التَّرْويةِ - رحَلَ إلى مِنًى، وكان يَقْصُرُ
الصَّلاةَ في هذهِ المُدَّةِ.
فدلَّ على: أنَّ المُقيمَ إذا
نَوَى إقامَةَ أربعَةِ أيَّامٍ يقْصُرُ؛ لأنَّ الرَّسولَ صلى الله عليه وسلم
قَصَرَ في هذه المُدَّةِ، وما زادَ علَيها، فإنَّه يَرْجِعُ فيهِ إلى الأَصْلِ.
والأصْلُ في
المُقيمِ أنَّه يُتِمُّ، واستَثْنَيْنا أربَعَةَ أيَّامٍ لفِعْلِ الرَّسولِ صلى
الله عليه وسلم في حجَّةِ الوَدَاعِ، فإنْ زادَتِ الأيَّامُ عنْ أربَعَةٍ يُرْجَعُ
إلى الأَصْلِ، وهو أنَّ الأصلَ في المُقيمِ أنَّه يُتِمُّ الصَّلاةَ.
وأمَّا القَوْلُ بأنَّ الرَّسولَ صلى الله عليه وسلم في عامِ الفَتْحِ أقامَ في مكَّةَ بضْعَةَ عشَرَ يَوْمًا يقصُرُ الصَّلاةَ ([1])، فإنَّ الرَّسولَ صلى الله عليه وسلم ما نَوَى إقامَةً مُحَدَّدةً، وإنَّما يَنتظِرُ العُدَوَّ ويتَهَيَّأُ لغزوَةِ حُنينٍ.
([1])أخرجه: أبو داود رقم (1229)، وابن ماجه رقم (1076).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد