ولَوْ لَم يَعتَمد عَلى
شَيءٍ فَلا بَأس، ولا يُشيرُ بِيدَيه في حَال خُطبَة الجُمُعة، وإنَّما يَسكُن
ويُؤدِّي الخُطبَة بِسكون.
«وَيَقْصِدُ
تِلْقَاءَ وَجْهِهِ». كَذلِك مِن سُننِ خُطبَة الجُمعَة ألاَّ يَتلفَّت
فِيها، وَإنَّما يَقصِد تِلقَاء وَجهِه؛ أي: المحَاذِينَ لِوجهِه، فَلا يَلتفِت
يمِينًا ولا شِمالاً؛ لأنَّ الرَّسول صلى الله عليه وسلم ما كانَ يَتلفَّت في
الخُطبَة.
وأمَّا الحُضور؛ فَإنَّهم
يُقبِلون عَلى الخَطيبِ، كَما كَان الصَّحابة يَتوجَّهون إلى رَسولِ اللهِ صلى
الله عليه وسلم وهو يَخطُب ([1])، لأجْل أنْ
يَستفِيدوا وَيتلقَّوا الخُطبَة بِحضُور قَلب وانتِبَاه.
«وَيُقَصِّرُ
الخُطْبَةَ». هَذا مِن سُننِ الخُطبَة أنْ يُقصِّرها؛ يَعنِي: يُوجِز الخُطبَة؛ لأنَّ
النَّبي صلى الله عليه وسلم كانَ يَقتَصر في الخُطبَة، وأمَر بِذلكَ، فَقالَ صلى
الله عليه وسلم: «إِنَّ قِصَرَ خُطْبَةِ الرَّجُلِ، وَطُولِ صَلاَتِهِ
مَئِنَّةٌ مِنْ فِقْهِهِ» - أي: عَلاَمَة عَلى فِقهِه - «فَأَطِيلُوا
الصَّلاَةَ وَاقْصُرُوا الْخُطْبَةَ» ([2]).
وَممَّا أحْدثَه
النَّاسُ اليَوم: تَطويلُ الخُطبَة وتَخفِيف الصَّلاة، عَكس السُّنَّة التِي أمَر
بِها النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، ومعَ تطْوِيلِهم الخُطبِ لاَ يَأتُون بِشروطِ
الخُطبَة وأغْراضِها المَطلُوبة مِمَّا يُخشَى مِنه ألاَّ تَصح خُطبهم، فلا تَصح
صَلاتُهم.
هَكَذا أَمَر النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، فَالخَطيبُ يَحرصُ عَلى اخْتصَارِ الخُطبَة مَع اشْتمَالِها على الأغْرَاض المطْلُوبة، فَلا يَكُون اخْتصَارًا مُخلًّا، ولا يَكونُ
([1])أخرجه: ابن ماجه رقم (1136).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد