فالخَطيبُ يَعتَني
بَموضُوع الخُطبَة، ومُطابَقتِها لِلخُطب المَشرُوعة؛ من اشْتِمالِها على حَمدِ
اللهِ، والثَّناءِ علَيهِ، والشَّهَادتَين، والصَّلاةُ عَلى النَّبي صلى الله عليه
وسلم.
والموعِظَة بِما
يُحرِّك القُلوب، وقِراءة القُرآنِ فِيها بِما يُناسِب المَوضُوع.
وَلَيسَ المُرادُ
بِالخُطبَة مُجرَّد كَلام يتكلَّم بهِ عَلى المِنبَر، أو كَلام فِي غَير المَوضُوع
الذي يهمُّ الحَاضِرين، ويحْتَاجُه الحَاضِرون، بَل يُراعي حَاجَة الحَاضِرينَ،
وَيراعِي المُناسَبة التِي يَتكلَّم عَنها، من التَّنبِيه عَلى أخْطَاء تَقعُ في
المُجتَمع أو بَيان أشْياء يَجهَلها الحَاضِرون مِن أمُور دِينِهم، خُصوصًا أمر
العَقيدَة، فَيعْتني الخَطيبُ بأمْر العَقيدَة؛ لأَنَّها هِي الأْصلُ، وهِي
الأَساسُ، ولأنَّ الجَهل بِها والخَطأ فِيها يَترتَّب عَليهِ نَقصٌ في الدِّين أو
ضَياع لِلدِّين، فَيعْتنِي الخَطيبُ بِالعقِيدَة، والتَّنبِيه عَليهَا،
والتَّنبِيه عَلى مَا يُخلُّ بِها؛ لأَنَّه يُكثِر الخَطأ في العَقيدَة.
ويَعتَني بِجودَة
الإلْقَاء حَتَّى يُؤثِّر في النَّاس، كَما كَانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم
إذا خطبَ احْمرَّت عَينَاه، وعَلا صَوتُه، واشْتدَّ غَضبُه، حتَّى كأَنَّه مُنذِر
جَيش وَهُو يَقُول: «صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ» ([1])، هَذا مِن نَاحِيَة
الخَطيبِ.
والمُستَمع، يُنصِت وَيقْبِل عَلى الخَطيبِ، وَلا يَشتَغل بِشيءٍ، وَلا يَتحرَّك أو يَعبَث بِيدَيه، وإنَّما يَتوجَّه إلى الاسْتمَاع وَيترُك الحَركَات، لأَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم حرَّم الكَلامَ والإِمام يَخطُب، وقَال: «مَنْ قَالَ: صَه، يَوْمَ
([1])أخرجه: مسلم رقم (867).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد