وإنْ
أَعْجَزَه كِبَرٌ أو مَرَض لا يُرجَى بُرْؤُه؛ لَزِمَه أن يُقِيمَ مَن يحُجُّ
ويَعتَمِر عنه من حيثُ وَجَبَا.
*****
«وإنْ أَعْجَزَه كِبَرٌ أو مَرَض لا يُرجَى
بُرْؤُه؛ لَزِمَه أن يُقِيمَ مَن يحُجُّ ويَعتَمِر عنه من حيثُ وَجَبَا» هَذَا
يقال عنه: القادِر بمَالِه دُونَ نَفسِه، فهذا يوكِّل مَن يحُجُّ عنه، ولا بُدَّ
أن يَكُون هَذَا العَجزُ مستَمِرًّا لا يُرجَى بُرؤُه، كالمَريضِ مَرَضًا
مُزمِنًا، أو الكَبيرِ الهَرِمِ، فهذا يوكِّل من يحُجُّ عنه؛ لأنَّ امرأة سَأَلت
النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم بأنَّ أَباهَا أَدْرَكَتْه فَرِيضَة الله فِي
الحَجِّ وهو شيخٌ كبيرٌ لاَ يَسْتَطِيعُ الثَّبَاتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ،
أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ حُجِّي عَنْ أَبِيكِ» ([1]) فدلَّ عَلَى أنَّ
مَن هَذِهِ حالُه لا يَستَطِيع مُباشَرَةَ الحَجِّ بنَفسِه وهو قادر بمَالِه أن
يوكِّل مَن يحُجُّ عنه حَجَّة الإِسلامِ.
وقوله: «لَزِمَه أن يُقِيمَ
مَن يحُجُّ ويَعتَمِر عنه من حيثُ وَجَبَا» يعني: يُسافِر الوَكيلُ من بَلَد
الموكِّل؛ لأنَّ الموكِّل يَجِب عَلَيه المَشيُ من بَلَده للحَجِّ أو العُمرَة،
والوَكِيل يَحكِي فِعْلَ المُوَكِّل، ويتحمَّل المُوكِّل نَفَقَتَه من بَلَده إلى
أن يَرجِعَ إِلَيه. هَذَا قولٌ ([2]).
والقَولُ الثَّانِي - وهو الصَّحيحُ إن شاء الله -: أنه لا يُشتَرَط أن يَكُون من بَلَده، فإذا وجد من يحُجُّ عنه من أيِّ مكانٍ، فإنه يحُجُّ عنه ويُجزِئُه ذَلِكَ ([3])، بدليل الذي سَمِعه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يقول: لَبَّيْكَ عَنْ شُبْرُمَةَ، قَالَ: «مَنْ شُبْرُمَةُ؟»، قَالَ: أَخ لِي مَاتَ. قَالَ: «حَجَجْتَ عَنْ نَفْسِكَ؟»
([1])أخرجه: البخاري رقم (1442)، ومسلم رقم (1334).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد