ومَن
حَجَّ من أَهلِ مكَّة فمِنها، وعُمْرَتُه من الحِلِّ.
*****
قيل: لا مُنافاة بين
الحَدِيثَيْن؛ لأنَّ الذي وقَّتَه فِي الأَصلِ هو رَسُول الله. ولم يَعلَم بذَلِكَ
عُمَر رضي الله عنه فاجتهد فوَافَق اجتِهادُه تَوقِيتَ رَسُول الله صلى الله عليه
وسلم، كما له مُوافَقَات غَيرُ هَذَا رضي الله عنه.
«ومَن حجَّ من أَهلِ
مَكَّة فمنها، وعُمرَتُه من الحلِّ» أمَّا أَهلُ مكَّة فإِنَّهم يُحرِمُون بالحَجِّ
من مكَّة، وأمَّا العُمرَة فيُحرِمون بِها من الحِلِّ ولا يُحرِمون بِها من
مَكَّة؛ لأنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم لمَّا طَلَبت منه عائِشَة أن تَعتَمِر
- وهي فِي مكَّة - أَمَر أَخاهَا عبدَ الرَّحمنِ بنَ أبي بكرٍ أن يَخرُج بِها إلى
التَّنعِيم - وهو أَدنَى الحِلِّ - فأَحرَمَت منه ([1])، فدلَّ عَلَى أنَّ
العُمرَة لا يُحرَم بِهَا من مَكَّة، وإنَّما يُحْرَم بِها من الحِلِّ، إمَّا من
التَّنعِيم أو من الجِعِرَّانَةِ، التي أَحرَم منها النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم
بالعُمرَة عامَ حُنَيْنٍ، أو من عَرَفَة أو من أيِّ جِهَة خارِجَ أميالِ الحَرَم،
فيُحرِم بالعُمرَة ثمَّ يَدخُل إلى الحَرَم.
والحِكمَة - والله أعلم - فِي كَونِه يُحرِم بالحَجِّ من مَكَّة وبالعُمرَة من الحِلِّ: أنّه لا بُدَّ فِي النُّسُك من الجَمعِ بين الحِلِّ والحَرَم، فالمُحرِم بالحَجِّ سيَخرُج إلى الحِلِّ لأَداء المَناسِك فِي عَرَفة، فيَجمَع بذَلِكَ بين الحِلِّ والحَرَم، وأَعمالُ العُمرَة كُلُّها فِي مكَّة ليس منها شيء خارِجَ الحَرَم؛ فلِذَلِكَ أُمِرَ بأن يُحرِم من الحِلِّ حتَّى يَجمَع بين حلٍّ وحَرَم.
([1])أخرجه: البخاري رقم (311)، ومسلم رقم (1211).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد