ويُسْرِعُ
في الفَجْوةِ ويَجْمعُ بها بيْنَ العِشاءَيْنِ، ويَبيتُ بها، ولهُ الدَّفْعُ بعدَ
نِصْفِ الَّليلِ، وقبْلَه فيهِ دمٌ كوُصولِه إليها بعْدَ الفجْرِ، لا قَبْلَه.
*****
فإنَّهم يَدْفعونَ أي: يَخرُجونَ من عرفَةَ إلى
مُزدلفَةَ بسِكنيةٍ ووقَارٍ؛ لأنَّهم في عِبادَةٍ، وفي وقْتٍ هو أفضَلُ الأوقاتِ،
والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم لمَّا دَفَعَ من عرفَةَ دَفَعَ بسَكينَةٍ وشَنَقَ
لراحلَتِه الزِّمامَ، حتَّى أنَّ رأْسَها ليَكادُ يُلامِسُ مَوْرِكَ رَحْلِه صلى
الله عليه وسلم، وكانَ يُشيرُ إلى النَّاسِ بيَدِه الشَّرِيفَةِ، ويقولُ: «أَيُّهَا
النَّاسُ، السَّكِينَةَ السَّكِينَةَ» ([1]).
فيَنبغِي للحجَّاجِ
أن يتَأَدَّبُوا بهذا الأدَبِ العظيمِ، وأن يَدْفَعوا بسَكِينةٍ ورِفْقٍ وعدَمِ
إسراعٍ وعدَمِ مُزاحمَةٍ، خُصوصًا في هذا الزَّمانِ الَّذي صارَ النَّاسُ
يَسْتخدِمونَ فيه السَّياراتِ، والسَّياراتُ مَعروفٌ ما فيها منَ الخَطَرِ، وما
فيها منَ الحوادِثِ، فيجِبُ على السَّائِقينَ أن يَتَّقُوا اللهَ تعَالى، وأن
يَدْفَعوا برِفْقٍ وسكينَةٍ، وأن يَتْرُكوا لإخْوانِهم الحجَّاجَ السَّيرَ في
الطَّريقِ الذي أمامَهم ليَسيرُوا آمِنِينَ ولِيَسْلَموا منَ الخطَرِ.
«ويُسرِعُ في الفَجْوةِ» يَسيرُ الحجَّاجُ إلى مزدلفَةَ بسَكينَةِ ووقارٍ كما فعَلَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ولا مانِعَ أن يُسْرِعَ إذا وَجَدَ مُتَّسَعًا، ولا يَضُرُّ بأحدٍ، فإنَّه يُسرعُ كما كانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا وَجَدَ فَجوةً نصَّ ([2])، يعني: أسرَعَ.
([1])أخرجه: مسلم رقم (1218).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد