في هذا الوادي،
سُمِّيَ مُحَسِّراً لأنَّه يُحَسِّرُ المارَّةَ به، يعني: يَتْبعه في الإسْراعِ،
قيلَ: لأنَّ هذا الوَادِي هو المَكانُ الَّذي نَزَلَ فيهِ العَذابُ على أصْحابِ
الفِيلِ الَّذينَ جاءوا لهَدْمِ الكَعْبَةِ، فاللهُ جل وعلا أنزَلَ علَيهمُ
العَذابَ في هذا المكانِ، والمُسلمُ إذا مرَّ بأمْكِنَةِ العذابِ فإنَّه يُسرِعُ
ولا يَتَريَّثُ فيها خَشْيَةَ أن يُصيبَه ما أصابَ المُعَذَّبِينَ، وهذا الوادي
ليسَ بالعَريضِ، ولهذا قالَ «قَدْرَ رَمْيَةِ حجَرٍ».
وقولُه: «وأخَذَ
الحَصى، وعدَدُه سبعُون بينَ الحِمَّصِ والبُندُقِ» يأخُذُ حصى الجِمارِ منْ
طَريقِه ما بينَ مُزْدلفةَ ومنًى، كما فَعَلَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، ولكنْ
إنْ أخَذَ الحَصى كلَّه للأيَّامِ كلِّها، وعدَدُه سبعُونَ لِمَن أرادَ أن
يَتَأخَّرَ أو تِسْعَة وأربعون، لمَن أرادَ أنْ يتعَجَّلَ، إن أخَذَه كلَّه من
مُزْدلِفَةَ، أو أخَذَه من الطَّريقِ ما بينَ مزدلفَةَ ومنًى أو أخَذَه منْ منًى،
فكلُّ هذا جائِزٌ، والأمْرُ واسعٌ، والحَمْدُ للهِ
ولكنَّ الأَوْلى أنْ
يَفْعَلَ كما فعلَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم وأن يَأخُذَ سَبعَ حَصَياتٍ
ليَرْمِيَ بها جمْرَةَ العَقَبةَ.
وأمَّا بَقيَّةُ
الحَصى فإنَّه يأخُذُها مِن مَنزِلِه في منًى كلَّ يوْمٍ بيَوْمِه؛ لأنَّ هذا أيسَرَ
لهُ، ولا يلْزَمُ أن يَلقُطَه جَميعًا من مزدلِفَةَ، بل يَأخُذُ الحَصى من
مُزدلفةَ أو منَ الطَّريقِ أو مِن منًى، الأمْرُ في هذا واسِعٌ.
ثم ذَكَرَ مِقدارَ
حجْمِ الحصَى الَّذي يَرْمى به، قالَ: «بينَ الحِمَّصِ والبُندُقِ».
«الحِمَّصُ»: هو الحبُّ المَعروفُ، «والبُندقُ»: شَيءٌ يُعْمَلُ منَ الطِّينِ يُرْمَى به الطُيورُ، وهو أكْبَرُ منَ الحِمَّصِ بقَليلٍ.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد