وإذا
كانَ أبَوَاهُ مُسْلمَيْنِ لمْ يُجاهِدْ تَطَوُّعًا إلا بإِذْنِهما.
ويَتفَقَّدُ
الإمامُ جيشَه عندَ المَسيرِ، ويَمنعُ المُخَذِّلَ والمُرجِفَ.
*****
الأعيانِ، فإنَّه لا يَخْرجُ إلاَّ بإذْنِهما؛
لأنَّ طاعَتَهم واجِبةٌ، وجِهادَه في هذهِ الحالِ تطوُّعٌ، ولا يجوزُ ترْكُ الواجِبِ
من أجْلِ تحْصِيلِ التَّطوُّعِ، ولقوْلِه صلى الله عليه وسلم في الَّذي له
والِدانِ قالَ: «فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ» ([1]) ولأنَّه جاءَهُ
رجلٌ يُريدُ الغَزْوَ في سَبيلِ اللهِ فقالَ لهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَحَيٌّ
وَالِدَاكَ»؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: «فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ» ولأنَّ حقَّ
الوَالدَيْنِ بعْدَ حقِّ اللهِ سبحانه وتعالى، فلا يُقدِّمُ جِهادُ التَّطوُّعِ
على حقِّ الوالِدَيْنِ، هذا إذا كان الجهادُ فرْضَ كِفايَةٍ، أمَّا إذا كان
الجهادُ فرْضَ عيْنٍ كما في الصُّوَرِ الثَّلاثِ الَّتي مَرَّتْ؛ فإنَّه لا يُطِيعُ
والِدَيْه في الامْتناعِ عنِ الجِهادِ؛ لأنَّ هذا جِهادٌ واجبٌ على كلِّ مسلمٍ،
كما لا يَمْنعُه أبَواهُ منَ الصَّلاةِ، ولا يَمْنَعانِه منَ الزَّكاةِ، ولا
يَمْنعانِه من صيامِ رمضانَ، ولا يَمْنَعانِه منَ الحجِّ فريضَةِ الإسلامِ،
فإنَّهما لا يَمْنَعانِه من جِهادِ فرْضِ العَيْنِ؛ لأنَّ هذا مِثْلُ سائِرِ
فُروضِ العَيْنِ، لا يُمْنَعُ منها أحدٌ، بل يجِبُ أداؤُها.
قالَ رحمه الله: «ويَتفقَّدُ الإمامُ جيشَه عندَ المَسيرِ»، أي: إمامُ المُسلمينَ ووَلِيُّ أمرِهِم؛ لأنَّ الأمْرَ بالجِهادِ والتَّهْيئَةَ للجِهادِ وتَنظِيمَ الغَزْوِ من صَلاحيَّاتِ الإمامِ، وليسَ لأحَدٍ أن يَأْمُرَ بالجهادِ إلاَّ بإِذْنِ الإمامِ؛ لأنَّ هذا من صَلاحيَّاتِه فلا يجوزُ لأحَدٍ أن يُجاهِدَ إلاَّ بإِذْنِ إمامِه، ويجِبُ على الإمَامِ حينَ الأمْرِ بالغَزْوِ وتكْوِينِ الجَيشِ أنْ يَتفقَّدَهُ عِندَ
([1])أخرجه: البخاري رقم (2842)، ومسلم رقم (2549).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد