×
الشرح المختصر على متن زاد المستقنع الجزء الثاني

 المَسيرِ؛ لأنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ يعْقِدُ الجُيوشَ للغَزوِ في سَبيلِ اللهِ ويقولُ لهم: «اغْزُوا فِي سَبِيلِ اللهِ» ويقولُ صلى الله عليه وسلم «بِاسْمِ اللهِ، اغْزُوا فِي سَبِيلِ اللهِ، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللهِ، وَلاَ تَقْتُلُوا وَلِيدًا وَلاَ تُمَثِّلُوا، وَلاَ تَغْدِرُوا» ([1]).

وكانَ يُوصِي قُوَّادَه، ومَن مَعَه ويأمرُهم بتَقْوى اللهِ سبحانه وتعالى، ويَخُطُّ لهم الخُطَطَ القِتاليَّةَ ويأمُرُ القائِدَ بأوامِرَ نحْوَ هذا الجَيشِ.

وعليه أن يُؤَمِّرَ فيهم أميرًا، يَخْتارُه مِن أحسَنِهم سِياسَةً حرْبِيَّةً وأحسَنِهم تدْبيرًا ونظرًا في الحرْبِ فيُؤَمِّرُه عليهِم.

«ويَمنَعُ المُخَذِّلَ والمُرْجِفَ» وعندَما يَسيرُ الجُندَ بقِيادَةِ أمِيرِهم فالإمامُ بعدَ ما يُعَيِّنُ الأميرَ، يَنظُر أيضًا في أفْرادِ الجُندِ فيَمنَعُ مَن لا يَصْلُحُ، ويُقِرُّ من يَصلحُ للجهادِ، فيَمنعُ المُخذِّلَ الَّذي يُخذِّلُ النَّاسَ عنِ الجهادِ ويَفُتُّ في عَضُدِهم، ويُرْعِبُهم فهذا يَمْنَعه الإمامُ منَ الخُروجِ معَ الجيشِ، وكذلكَ المُرْجِفُ الَّذي يُخوِّفُ النَّاسَ حالَ العدُوِّ فيقولُ لهمْ: لا طاقةَ لكم بعَدُوِّكم، عدُوُّكُم عندَه قُوَّةٌ، وعندَه خِبرةٌ، وعندَه أسلحَةٌ، وعندَه كذا وكذا، ويُروِّجُ الشَّائعاتِ بَينَ الجُندِ منْ أجْلِ أن يُخَوِّفَهم ويُثَبِّطَ عزائِمَهم، هذا هو المُرْجِفُ. قالَ اللهُ تَعالى في المُنافقينَ: ﴿لَوۡ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمۡ إِلَّا خَبَالٗا وَلَأَوۡضَعُواْ خِلَٰلَكُمۡ يَبۡغُونَكُمُ ٱلۡفِتۡنَةَ وَفِيكُمۡ سَمَّٰعُونَ لَهُمۡۗ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِٱلظَّٰلِمِينَ [التوبة: 47]، فالمُخذِّلُ والمُرجِفُ لا يَخْرُجانِ في جُيوشِ المسلمينَ؛ لأنَّهُما يُحْدثانِ


الشرح

([1])أخرجه: مسلم رقم (1731).