وقد
ثبت في الصحيحين أنه قال لأبي ذر - وهو من خيار المؤمنين -: «إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ
جَاهِلِيَّةٌ» فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله: أَعَلَى كَبِرَ سِنِّي؟ قَالَ: «نَعَمْ»
([1]).
****
فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ» ([2]) فالحياء من
الإيمان، يصير شعبة من شعب الإيمان.
الشاهد من الحديث: أن الإيمان يتفاوت: منه ما هو أعلى، ومنه ما هو أدنى،
ومنه ما هو متوسط، وليس شيئًا واحدًا، فدلَّ على أن من الناس من يكون مؤمنًا كامل
الإيمان، وهذا من الأولياء الخلص، ومنهم من يكون ناقص الإيمان، وهذا فيه إيمان،
وفيه نقص، فيه نقص في إيمانه، فيكون من جهة وليًّا لله، ومن جهة عدوًّا لله ووليا
للشيطان.
هذا أبو ذر رضي الله عنه من السابقين الأولين إلى الإسلام، ومن أفضل الصحابة رضي الله عنه، ومع هذا قال له النبي صلى الله عليه وسلم: «إنك امرؤُ فيك جاهليةٌ»؛ يعني: خصلة من خصال الجاهلية، فدلَّ على أن المؤمن قد يكون فيه خصلة من خصال الجاهلية، والسبب في هذا أن أبا ذر رضي الله عنه صار بينه وبين رجل أُمُّه أعجمية شيء من سوء التفاهم، فعيَّره بأمه الأعجمية، قال صلى الله عليه وسلم: «يَا أَبَا ذَرٍّ أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ؟ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ» ([3]) لأن التعيير، والطعن في النسب من خصال الجاهلية - كما يأتي -، فهذا مع كمال إيمانه، وسابقته في الإسلام، صارت فيه هذه الخصلة، فكيف بغيره ممن هو ليس مثله، ولا قريبًا منه؟!
([1]) أخرجه: البخاري رقم (6050)، ومسلم رقم (1661).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد