×
التعليقات على كتاب الفرقان الجزء الأول

فهذا من المؤمنين الذين جاء فيهم الحديث الذي رواه الترمذي عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اتَّقُوا فِرَاسَةَ المُؤْمِنِ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ بِنُورِ اللَّهِ»([1]).

****

الدلالة والإرشاد، فإنها عامة للمؤمن والكافر وجميع الناس، القرآن هدى للناس، بمعنى: أنه مبين لطريق الحق من طريق الضلال، مرشد، أما الهداية الخاصة، فهذه تكون لأهل الإيمان: ﴿نُورٗا نَّهۡدِي بِهِۦ مَن نَّشَآءُ مِنۡ عِبَادِنَاۚ وَإِنَّكَ لَتَهۡدِيٓ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ [الشورى: 52]، ما الجمع بين هذه الآية ﴿وَإِنَّكَ لَتَهۡدِيٓ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ وبين قوله عز وجل: ﴿إِنَّكَ لَا تَهۡدِي مَنۡ أَحۡبَبۡتَ [القصص: 56] ؟ الجمع أن المراد بالهداية في هذه الآية: هداية الدلالة والإرشاد، والبيان، وأما ﴿إِنَّكَ لَا تَهۡدِي مَنۡ أَحۡبَبۡتَ المراد: هداية التوفيق والإيمان، هذه بيد الله سبحانه وتعالى: ﴿وَكَذَٰلِكَ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ رُوحٗا مِّنۡ أَمۡرِنَاۚ مَا كُنتَ تَدۡرِي مَا ٱلۡكِتَٰبُ وَلَا ٱلۡإِيمَٰنُ وَلَٰكِن جَعَلۡنَٰهُ نُورٗا نَّهۡدِي بِهِۦ مَن نَّشَآءُ مِنۡ عِبَادِنَاۚ وَإِنَّكَ لَتَهۡدِيٓ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ ٥٢ صِرَٰطِ ٱللَّهِ ٱلَّذِي لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ أَلَآ إِلَى ٱللَّهِ تَصِيرُ ٱلۡأُمُورُ ٥٣ [الشورى: 52- 53]، أضافه إلى نفسه سبحانه وتعالى تشريفًا له.

مَن هداه الله إلى هذا القرآن وعمل به، صار في قلبه نور؛ نور الإيمان ونور العلم، فهو ينظر بنور الله سبحانه وتعالى، ويميز بين الحق والباطل، بين الهدى والضلال، وبين النافع والضار، أما من حرم هذا النور، فإنه لا يميز بين الخير والشر، ولا يميز بين أولياء الله وأعداء الله، وكل الأشياء عنده سواء.


الشرح

([1])  أخرجه: الترمذي رقم (3127).