وقد
تقدم الحديث الصحيح الذي في البخاري وغيره، قال فيه: «لاَ يَزَالُ عَبْدِي
يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ
سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ
الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، فَبِي يَسْمَعُ وَبِي
يُبْصِرُ وَبِي يَبْطِشُ وَبِي يَمْشِي، وَلَئِن سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ،
وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ فِي شَيْءٍ أَنَا
فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ قَبْض نَفْسِ عَبدِي المُؤْمِنِ، يَكْرَهُ المَوْتَ
وَأَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ، وَلاَبُدَّ لَهُ مِنْهُ» ([1]).
****
فالفراسة معناها: التفرس في الشخص، والتوقع منه، يكون عند المؤمن فراسة؛ لأنه
ينظر بنور الله: «اتَّقُوا فِرَاسَةَ
المُؤْمِنِ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ بِنُورِ اللَّهِ»، فهو يميز بين أهل الخير وأهل
الشر، وأيضًا يعرف من يتوقع منه الخير ومن يتوقع منه الشر، بمجرد أن ينظر إلى
الشخص، يعرف هل هو من أهل الخير أو من أهل الشر، ويعرف، ويتوقع ما سيحصل منه في
المستقبل؛ لأنه ينظر بنور الله، يميز بين الناس، ولا ينخدع بالمظاهر.
هذا الحديث يفسر بعضه بعضًا، ويوضح بعضه بعضًا، بيَّن صلى الله عليه وسلم ما أوحاه الله إليه، وعلمه به، وهو هذا الحديث القدسي؛ أن الله عز وجل قال: «مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَلاَ يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ»، هذا محل الشاهد: أن التقرب إلى الله بالأعمال الصالحة يسبب محبة الله له، كما أن معصية الله تسبب بغض الله للعبد، الله يحب التوابين، ويحب المتقين، ويحب المتطهرين، ويحب
([1]) أخرجه: البخاري رقم (6502).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد