×
التعليقات على كتاب الفرقان الجزء الأول

وثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة وعمرو بن العاص رضي الله عنهما مرفوعًا أنه قال: «إِذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِنْ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ» ([1]).

****

فدل على أن الحاكم يخطئ، وأن المجتهد يخطئ، ولكنه لم يتعمد الخطأ، فلذلك عفا الله عنه، وأعطاه أجرًا على اجتهاده، هذا من رحمة الله وفضله، والمجتهد المراد به: العالم الذي يبلغ رتبة الاجتهاد، مع بلوغه رتبة الاجتهاد قد يخطئ ولكن الله عفا عنه، وكتب له الأجر على اجتهاده، أما من يقول: من حق كل أحد أن يجتهد: العامي، والجاهل، وكل أحد يجتهد. هذا ضلال - والعياذ بالله -، نجد الآن من يقول: من حق كل مسلم أن يجتهد، ولو كان جاهلاً وعاميًّا، من حقه أن يجتهد. وهذا ضلال مبين - والعياذ بالله -؛ الاجتهاد إنما هو من حقوق العلماء المتأهلين في الاجتهاد؛ كالأئمة الأربعة، ومن شاكلهم ممن توفر فيهم شروط الاجتهاد في استنباط الأحكام، هذا هو أعلى درجات الاجتهاد، هناك اجتهاد أقل منه في الترجيح، الترجيح بين أقوال العلماء يعرضها على الدليل، فيأخذ ما ترجح بالدليل، هذا يسمونه الاجتهاد المذهبي، وهو الاجتهاد في الترجيح. والنوع الأول يسمى: الاجتهاد المطلق، هذا لا يقوى عليه إلاَّ فحول الأئمة، الذين تتوفر فيهم شروط الاجتهاد، أما الاجتهاد الجزئي والاجتهاد الترجيحي، فهذا يقوى عليه من تمرس في طلب العلم، وعرف الأقوال وأدلتها، ولا يجتهد اجتهادًا من عنده مبتكرًا


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (7352)، ومسلم رقم (1716).