فلم يؤثِّم المجتهد المخطئ،
بل جعل له أجرًا على اجتهاده، وجعل خطأه مغفورًا له، ولكن المجتهد المصيب له
أجران، فهو أفضل منه؛ ولهذا لما كان ولي الله يجوز أن يغلط لم يجب على الناس
الإيمان بجميع ما يقوله مَن هو وليٌّ لله.
****
وجديدًا، لا، بل يتبع أقوال العلماء، فيختار منها ما ترجَّح بالدليل، هذا
يسمى الاجتهاد المذهبي.
«وَإِنْ أَخْطَأَ فَلَهُ
أَجْرٌ» هذا الشاهد من الحديث: «إِذَا
اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ»، فدلَّ على أن العالم المتبحِّر
قد يخطئ.
والأول له أجران؛ أجر على الاجتهاد، وأجر عن الإصابة.
هذه النتيجة من البحث السابق، من أول الفصل إلى الآن، هذه النتيجة، إذا كان الولي يخطئ أحيانًا، وليس معصومًا، فلا يلزمنا أن نقبل كل ما يقوله، ونعتقد له العصمة، بل يجب أن نعرض أقواله على الكتاب والسنة، فما وافق الكتاب والسنة، فهو مقبول، وما خالفها، فهو مردود، ولا ينقص هذا من قدره؛ لأنه مأجور؛ كما في الحديث: «وَإِنْ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ» ([1])، هو مأجور، ما تنتقصه؛ لأنه بذل وسعه، لم يعتمد الخطأ، فلا يُنتقص المخطئ من أهل العلم، ونتلمس لهم العثرات، وننتقصهم، ونتكلم عنهم في المجالس، لا، إذا كانوا علماء، لكن - كما ذكرنا - إذا كانوا ليسوا بأهل اجتهاد، فلا يجوز أن يدخل في الاجتهاد أصلاً، وهو مخطئ على كل حال، الذي ليس عنده المؤهلات للاجتهاد المطلق، أو الاجتهاد المذهبي، هذا مخطئ على
([1]) أخرجه: البخاري رقم (7352)، ومسلم رقم (1716).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد