فإن الله يعطيه من الدنيا ما يريد سبحانه وتعالى: ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيۡهِمۡ أَعۡمَٰلَهُمۡ فِيهَا وَهُمۡ فِيهَا لَا يُبۡخَسُونَ﴾ [هود: 15]، نعطيهم، ولذلك تجد عند الكفار من العلوم الدنيوية، ومن الإمكانيات، ومن المقدَّرات ما ليس عند المؤمنين؛ لأن المؤمنين على العكس يريدون الآخرة، ولا يريدون الدنيا إلاَّ بقدر ما يبلغهم للآخرة، أما هؤلاء، فيريدون الدنيا بذاتها، ولا يريدون الآخرة؛ فلذلك - وإن وفرت لهم الدنيا - فإنهم يحرمون يوم القيامة من الجنة: ﴿أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ لَيۡسَ لَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ إِلَّا ٱلنَّارُۖ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَٰطِلٞ مَّا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ﴾ [هود: 16]، فالله أعطاهم من الدنيا، ووفر لهم، ووفى لهم مطلوبهم، لكن لما لم يريدوا الآخرة، لم يكن لهم فيها نصيب - والعياذ بالله -، وماذا تنفعه الدنيا؟! ﴿وَمَنۡ أَرَادَ ٱلۡأٓخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعۡيَهَا﴾ [الإسراء: 19]، أما من أراد الآخرة، وسعى لها سعيها، أرادها، وسعى، ولا تكفي الإرادة بدون سعي، بل لابد من السعي بالعمل الصالح، ﴿وَهُوَ مُؤۡمِنٞ﴾ [الإسراء: 19]؛ شرطان: سعى لها سعيها، وهو مؤمن مصدق بما عند الله عز وجل، مصدق بالآخرة، والجزاء، والجنة، والنار، ﴿فَأُوْلَٰٓئِكَ كَانَ سَعۡيُهُم مَّشۡكُورٗا﴾ [الإسراء: 19]، يشكر الله لهم ذلك سبحانه وتعالى؛ لأن الله غفور شكور، يشكر لهم، ولا يضيع أعمالهم: ﴿كُلّٗا نُّمِدُّ هَٰٓؤُلَآءِ وَهَٰٓؤُلَآءِ﴾ [الإسراء: 20]؛ المؤمنين والكفار، ﴿مِنۡ عَطَآءِ رَبِّكَۚ وَمَا كَانَ عَطَآءُ رَبِّكَ مَحۡظُورًا﴾ [الإسراء: 20]، ثم قال: ﴿ٱنظُرۡ كَيۡفَ فَضَّلۡنَا بَعۡضَهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖۚ﴾ [الإسراء: 21]، في الدنيا، ﴿وَلَلۡأٓخِرَةُ أَكۡبَرُ دَرَجَٰتٖ وَأَكۡبَرُ تَفۡضِيلٗا﴾ [الإسراء: 21].
الصفحة 2 / 387
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد