×
التعليقات على كتاب الفرقان الجزء الأول

الغنائم، ظنوا أن المعركة قد انتهت، فقالوا: ننزل مع إخواننا؛ نعينهم على جمع الغنائم، فقال لهم قائدهم عبد الله بن جبير رضي الله عنه: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال لنا: «لاَ تَتْرُكُوا الجَبَل سَوَاء انْتَصرْنَا أَوْ هُزِمْنَا» ([1])، ذكرهم بذلك، ولكنهم أصروا على النزول، فنزل بعضهم، وثبت بعضهم، ومنهم قائدهم عبد الله بن جبير رضي الله عنه ثبت، حتى جاء المشركون من الخلف، ورأوا أن الجبل قد خفَّ الرماة الذين هم عليه، فتقاتلوا معهم، حتى قتلوا بقية الرماة، ثم انقضوا على المسلمين من الخلف، والمسلمون لم يشعروا إلاَّ وقد أحاط بهم المشركون من الأمام ومن الخلف، فحصلت النكبة بسبب مخالفتهم لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال: ﴿أَوَلَمَّآ أَصَٰبَتۡكُم مُّصِيبَةٞ قَدۡ أَصَبۡتُم مِّثۡلَيۡهَا قُلۡتُمۡ أَنَّىٰ هَٰذَاۖ قُلۡ هُوَ مِنۡ عِندِ أَنفُسِكُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ [آل عمران: 165]؛ أي: أنتم السبب، وقبل هذا يقول: ﴿وَلَقَدۡ صَدَقَكُمُ ٱللَّهُ وَعۡدَهُۥٓ إِذۡ تَحُسُّونَهُم؛ يعني: تقتلونهم ﴿بِإِذۡنِهِۦۖ حَتَّىٰٓ إِذَا فَشِلۡتُمۡ وَتَنَٰزَعۡتُمۡ فِي ٱلۡأَمۡرِ وَعَصَيۡتُم مِّنۢ بَعۡدِ مَآ أَرَىٰكُم مَّا تُحِبُّونَۚ مِنكُم مَّن يُرِيدُ ٱلدُّنۡيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ ٱلۡأٓخِرَةَۚ ثُمَّ صَرَفَكُمۡ عَنۡهُمۡ لِيَبۡتَلِيَكُمۡۖ وَلَقَدۡ عَفَا عَنكُمۡۗ وَٱللَّهُ ذُو فَضۡلٍ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ [آل عمران: 152]، بشَّرهم الله بأنه عفا عما حصل منهم من المخالفة؛ ليطمئنهم، وبعد ذلك انتهت المعركة، وانصرف المسلمون، دفنوا شهداءهم في محل المعركة في مقبرة الشهداء التي عند أحد، وحملوا جرحاهم، وعادوا إلى المدينة، وقفل المشركون إلى مكة،


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (3039).