×
التعليقات على كتاب الفرقان الجزء الأول

قال تعالى: ﴿شَرَعَ لَكُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِۦ نُوحٗا وَٱلَّذِيٓ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ وَمَا وَصَّيۡنَا بِهِۦٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰٓۖ أَنۡ أَقِيمُواْ ٱلدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُواْ فِيهِۚ [الشورى: 13]

****

مَا وَصَّىٰ بِهِۦ نُوحٗا وَٱلَّذِيٓ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ وَمَا وَصَّيۡنَا بِهِۦٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰٓۖ [الشورى: 13] هؤلاء هم أولو العزم، قال عز وجل: ﴿فَٱصۡبِرۡ كَمَا صَبَرَ أُوْلُواْ ٱلۡعَزۡمِ مِنَ ٱلرُّسُلِ [الأحقاف: 35] والعزم: هو القوة والصبر.

الله عز وجل وصَّى محمدًا صلى الله عليه وسلم بما وصَّى به نوحًا وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام، فدين الأنبياء واحد، وهو التوحيد، عبادة الله وحده لا شريك له، وإن اختلفت شرائعهم، فإن دينهم واحد؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «الأَْنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لِعَلاَّتٍ: أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى، وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ» ([1]).

﴿شَرَعَ لَكُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِۦ نُوحٗا وَٱلَّذِيٓ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ وَمَا وَصَّيۡنَا بِهِۦٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰٓۖ ما الذي وصَّى به هؤلاء؟ ﴿أَنۡ أَقِيمُواْ ٱلدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُواْ فِيهِۚ، وإقامة الدين: إخلاص العبادة لله على وفق ما شرع؛ يعني: لابد من شرطين: الإخلاص، وموافقة الشرع، والشرع يختلف في كل زمان بحسب وقت الأنبياء السابقين: ﴿وَأَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ مُصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيۡهِ مِنَ ٱلۡكِتَٰبِ وَمُهَيۡمِنًا عَلَيۡهِۖ فَٱحۡكُم بَيۡنَهُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُۖ وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَهُمۡ عَمَّا جَآءَكَ مِنَ ٱلۡحَقِّۚ لِكُلّٖ جَعَلۡنَا مِنكُمۡ شِرۡعَةٗ وَمِنۡهَاجٗاۚ وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَكُمۡ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ وَلَٰكِن لِّيَبۡلُوَكُمۡ فِي مَآ ءَاتَىٰكُمۡۖ فَٱسۡتَبِقُواْ ٱلۡخَيۡرَٰتِۚ إِلَى ٱللَّهِ مَرۡجِعُكُمۡ جَمِيعٗا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ فِيهِ تَخۡتَلِفُونَ [المائدة: 48]، فعبادة الله هي عبادته بما شرع في كل وقت بحسبه، ﴿شَرَعَ لَكُم مِّنَ


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (3443)، ومسلم رقم (2365).