×
التعليقات على كتاب الفرقان الجزء الأول

وفي الحديث الآخر الصحيح الذي في السنن يقول الله تعالى: «أَنَا الرَّحْمَنُ خَلَقْتُ الرَّحِمَ، وَشَقَقْتُ لَهَا اسْمًا مِنِ اسْمِي، فَمَنْ وَصَلَهَا، وَصَلْتُهُ وَمَنْ قَطَعَهَا، بَتَتُّهُ» ([1]).

****

هذا أيضًا فيه أن الجزاء من جنس العمل، فمن وصل رحمه، وصله الله، ومن قطع رحمه، قطعه الله؛ الجزاء من جنس العمل، الرحمن من أسماء الله عز وجل، وهو يتضمن الرحمة، الرحمن اسمه، والرحمة صفته سبحانه وتعالى، والرحم مشتقة من الرحمن من الاسم، اشتقاق الاسم، فهذا فيه آكدية حق الرحم، ورحم الإنسان هم أقاربه من جهة أبيه، أو من جهة أمه، هؤلاء هم أرحامه، قد جعل الله لهم حقًّا بعد حق الوالدين، قال عز وجل: ﴿وَٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَلَا تُشۡرِكُواْ بِهِۦ شَيۡ‍ٔٗاۖ وَبِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَٰنٗا وَبِذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ [النساء: 36]، فجعل حقهم في المرتبة الثالثة بعد حقه سبحانه وتعالى، وبعد حق الوالدين؛ مما يدل على آكدية حق الرحم على قريبهم، قد توعد الله من قطع رحمه باللعنة، قال عز وجل: ﴿فَهَلۡ عَسَيۡتُمۡ إِن تَوَلَّيۡتُمۡ أَن تُفۡسِدُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَتُقَطِّعُوٓاْ أَرۡحَامَكُمۡ ٢٢أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فَأَصَمَّهُمۡ وَأَعۡمَىٰٓ أَبۡصَٰرَهُمۡ ٢٣ [محمد: 22- 23]، ففي هذا الحديث: أن من وصل رحمه، وصله الله بالخير، والنعمة، والبركة، في الدنيا والآخرة، وأن من قطع رحمه، بَتَّه الله، قطعه الله، وحرمه من الخير؛ جزاء على عمله، الجزاء من جنس العمل ﴿هَلۡ جَزَآءُ ٱلۡإِحۡسَٰنِ إِلَّا ٱلۡإِحۡسَٰنُ [الرحمن: 60].


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (1694)، والترمذي رقم (1907)، وأحمد رقم (1659).