×
الشرح المختصر على متن زاد المستقنع الجزء الثالث

فَصْلٌ

وَالوَقْفُ عَقْدٌ لاَزِمٌ لاَ يَجُوزُ فَسْخُهُ وَلاَ يُبَاعُ إِلاَّ أَنْ تَتَعَطَّلَ مَنَافِعُهُ، وَيُصْرَفُ ثَمَنُهُ فِي مِثْلِهِ، وَلَوْ أَنَّهُ مَسْجِدٌ وَآَلَتُهُ. وَمَا فَضَلَ عَنْ حَاجَتِهِ جَازَ صَرْفُهُ إِلَى مَسْجِدٍ آَخَرَ وَالصَّدَقَةُ بِهِ عَلَى فُقَرَاءِ المُسْلِمِينَ.

*****

 

 «فَصْلٌ» فِي بَيَانِ لُزُومِ الوَقْفِ وَحُكْمِ بَيْعِهِ أَوْ إِبْدَالِهِ.

«وَالوَقْفُ عَقْدٌ لاَزِمٌ». بِمُجردِ القَولِ الصَّادرِ مِن الوَاقِفِ؛ لِقَولِه صلى الله عليه وسلم: «لاَ يُبَاعُ أَصْلُهَا، وَلاَ يُوهَبُ، وَلاَ يُوَرَّثُ»([1]). قَال التِّرمِذي: العَملُ عَلى هذا الحَديثِ عِندَ أَهلِ العِلمِ.

«لاَ يَجُوزُ فَسْخُهُ». بِإِقَالَةٍ وَلا غَيرِها مِن وَاقِفٍ أَو غَيرِه؛ لأنَّهُ مُؤبَّد.

«وَلاَ يُبَاعُ إلاَّ أَنْ تَتَعَطَّلَ مَنَافِعُهُ». بِالكُلِّيَّةِ، كَدارٍ انْهَدمَت وَلَم تُمكِن عِمارَتُها مِن رِيعِ الوَقفِ، أَو أَرضٍ خَربَت وَعَادت مَواتًا وَلم تُمكِن عِمارَتُها فَيُباع حِينئِذٍ؛ لِما رُوي أنَّ عُمرَ رضي الله عنه كَتبَ إِلى سَعد لمَّا بَلغَه أَنَّ بَيتَ المَالِ الذِي بِالكُوفَة نُقِبَ: أَن انْقِل المَسجِد الذِي بِالتَّمَّارِين وَاجْعل بَيْت المَال فِي قِبلَة المَسجِد؛ فَإنَّه لَن يَزال فِي المَسجِد مُصَلٍّ ([2]). وَكَان هذا بِمشْهَد مِن الصَّحابَة وَلم يَظهَر خِلافُه.

«وَيُصْرَفُ ثَمَنُهُ فِي مِثْلِهِ». لأنَّه أَقرَب إِلى غَرضِ الوَاقفِ، وَلأنَّ فِي ذَلكَ تَأبِيدًا لِلوَقفِ.


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (2737)، ومسلم رقم (1632).

([2])أخرجه: الطبري في «تاريخه»: (2/ 480).