×
الشرح المختصر على متن زاد المستقنع الجزء الثالث

بَابُ مِيرَاثِ الغَرْقَى

إِذَا مَاتَ مُتَوَارثَانِ كَأَخَوَيْنِ لأَِبٍ بَهَدْمٍ، أَوْ غَرَقٍ، أَوْ غُرْبَةٍ، أَوْ نَارٍ، وَجُهِلَ السَّابِقُ بِالمَوْتِ، وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِيهِ، وَرِثَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الآَخَرِ مِنْ تِلاَدِ مَالِهِ، دُونَ مَا وَرِثَهُ مِنْهُ، دَفْعًا لِلدَّورِ.

*****

 يُرادُ بِهذا البَابِ مَن مَاتُوا بِحادِثٍ وَاحدٍ كَحرِيقٍ أَو بِهدمٍ أو بِغرَقٍ، أَو انْهدَم عَليهِم بَيتٌ أو جِدارٌ، أو بِحَادثِ سَيَّارةٍ أو طَائِرة سَقَطتْ، وَلا يُدرَى أيُّهم مَات أوَّلاً، لأنَّنا إِذا عَلمنَا السَّابق مِن اللاحقِ، هذا لا إشْكَال فِيه، اللاحقُّ يَرث مِمنْ مَاتَ قَبلَه، وَإذا عَلمْنَا أنَّهم مَاتوا جَمِيعًا فِي لَحظَة وَاحِدة وَحِينئذٍ لاَ تَوارُث بِالإجْمَاع؛ لأنَّه لَيسَ فِيهِم مُتقدِّم وَلا مُتأخِّر، فَلا يَرثُ بَعضُهم مِن بَعضٍ لِكونِهم مَاتوا فِي لَحظَة وَاحِدَة، والإِرثُ إِنَّما يَكونُ للمُتأخِّر، وَهُنا لَيس هُناكَ مُتأخِّر.

أمَّا أَن يُجهَل الأَمرُ فَلا يُدرَى أيُّهم مَاتَ أوَّلاً، يَحتَمِل ويُحْتَمَل، فَهذا مَوضعٌ لاجْتِهادِ أهْل العِلمِ، فَالجمْهُور وَمنهُم الأئِمَّة الثَّلاثَةُ: أبو حَنيفَةَ ومَالِكٌ والشَّافعيُّ لاَ يُورِّثون بَعضَهُم مِن بَعض؛ لأنَّ الإِرثَ لاَ يَثبُت إلاَّ بِاليَقينِ، وَهذا مُحتَملٌ، فَلا إِرثَ حِينئذٍ.

وَعندَ الإمَامِ أحْمَد ([1]) وجَمَاعَة أنَّه يُورَّث وَيجْعَلُ لَه تَقديرَاتٌ، يُقدَّر أَحدُهم مَات أوَّلاً ثمَّ تُقسَّم تَركتُه عَلى وَرثَته الأَحياء وعَلَى مَن مَات مَعَه، ثُمَّ يُجعَل لِمن مَات مَعَه مَسألَةٌ أُخرى وَتقسَّمُ عَلى وَرَثتهِ، ثُمَّ يُجعَل


الشرح

([1])انظر «المغني»: (9/ 170)، و«الكافي»: (2/ 367)، و«الإنصاف»: (7/ 345).