×
الشرح المختصر على متن زاد المستقنع الجزء الثالث

وَتَنْعَقِدُ بِالإِيجَابِ وَالقَبُولِ، وَالمُعَاطَاةِ الدَّالَّةِ عَلَيْهَا. وَتَلَزَمُ بِالقَبْضِ بِإِذْنِ وَاهِبٍ، إِلاَّ مَا كَانَ فِي يَدِ مُتَّهِبٍ. وَوَارِثُ الوَاهِبِ يَقُومُ مَقَامَهُ. وَمَنْ أَبْرَأَ غَرِيمَهُ مِنْ دَيْنِهِ بِلَفْظِ الإِحْلاَلِ، أَوِ الصَّدَقَةِ، أَوِ الهِبَةِ، أَوْ نَحْوِهَا بَرِئَتْ ذِمَّتُهُ وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ. وَتَجُوزُ هِبَةُ كُلِّ عَينٍ تُبَاعُ وَكَلْبٍ يُقْتَنَى.

*****

 

«فَإِنْ شَرَطَ فِيهَا عِوَضًا مَعْلُومًا فَبَيْعٌ». أي: إِنْ شَرطَ الوَاهِب فِي الهِبةِ عِوضًا مَعلومًا فَهي بَيعٌ بِلفظِ الهِبة، فَيُعتَبر لَها أَحكَام البَيعِ مِن خِيَار مَجْلس وَشُفعَةٍ وَغَيرهِمَا.

«وَلاَ يَصِحُّ مَجْهُولاً». أي: لا يَصحُّ أَن يَهَب شَيئًا مَجهُولاً؛ كَالحَملِ فِي البَطنِ، واللَّبنِ فِي الضِّرعِ؛ لِلجهَالةِ وَتعذُّرِ التَّسليمِ.

«إِلاَّ مَا تَعَذَّرَ عِلْمُهُ». أي: فَتَجُوزُ هِبَتُهُ كَمَا لَو اخْتلطَ مَالُ اثْنين عَلى وَجهٍ لاَ يَتميَّز، فَوهَب أَحدُهُما لِرفِيقه نَصيبَهُ مِنهُ، فَيصحُّ ذَلكَ لِلحاجَةِ.

«وَتَنْعَقِدُ بِالإِيجَابِ وَالقَبُولِ» أي: تَنعَقِدُ الهِبةُ بِالإيجَاب وَهُو اللَّفظُ الصَّادِر مِن الوَاهِب، وَالقَبولُ وهُو اللَّفظُ الصَّادر مِن المَوهُوب لَه، بِأن يَقُول مَثلاً: وَهبتُك أو أعْطَيتُك. فَيقُول: قَبلتُ أَو رَضيتُ.

«وَالمُعَاطَاةُ الدَّالَّةُ عَلَيْهَا». أي: وَتَنعَقد الهِبَة أيضًا بِالمُعاطَاة الدَّالَّة علَيهَا، وَالمُعاطَاة هُنا: فِعلٌ يَدلُّ عَلى الهِبةِ وَإنْ لَم يَحصُل إِيجَاب وَلا قَبُول؛ لأنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم كَان يُهدِي وَيُهدَى إِليه ([1])، وَيُعطِي ويُعطَى، وَيفرِّق الصَّدقات، وَيأمُر سُعاتَه بِأخذِها وتَفرِيقِها، وَكان أصْحابُه يَفعَلون ذَلكَ،


الشرح

([1])انظر «المطلع»: (ص: 291)، و«الإقناع»: (3/ 101).