فَرضْنا أنَّه فُقدَ
وَهو ابنُ خَمس وثمانين سنة، فإنَّه يُنتَظر خَمس سِنين؛ لأنَّه في الغالِب أنَّه مَا
يَتعدَّى التَّسعين.
هذا مَعنى قَولِه: «مُنْذُ
وُلِدَ». يعني: مُنذ وِلادَته لا مُنذ فُقِد، فَإذا مَضت المُدَّة مدَّة
التَّربُّص - يعْنِي: الانْتِظار - وهِي تِسعون سَنة مُنذ وِلادَته، فإنَّه
حِينئذٍ يحْكَم بِموتِه، وَيُقسَّمُ المَال بَين وَرثَته المَوجُودين حِين الحُكمِ
بِموتِه.
الحَالُ الثَّانية: أن يَكونَ الغالِبُ
فِي سَفره الهَلاك ([1]) كَمَن فُقِد في
مَفَازة مَهْلَكة لَيْس فِيها مَاء، أو فُقِد بَين الصَّفين في الحَرب، أو في
سَفينَة غَرقَت أو انْكَسَرت، وَهَذه حَالٌ يَغلبُ عَليها الهلاكُ؛ فَهذا يُضرب
لَه مُدَّة أربع سِنين قَدر مَا يَأتي النَّاس ويَذهبون وتَأتي الأخبَارُ مِن هُنا
وهُنَاك، فإذَا مَضَت أرْبع سِنين مِن فَقدِه فَإنَّه يُحكَم بِموتِه، وتَعتدُّ
زَوجتُه، ويُقسَّم مِيراثُه عَلى وَرثَته حِين الحُكم بِموتِه.
يُقسَّم مالُه فِي الحَالين: حَال مُرور تِسعين سَنَة مُنذ وُلدَ، وحَال أرْبع سِنين مُنذ فُقِد، يُقسَّم مَاله عَلى المَوجودِين مِن وَرَثتهِ دُون مَن ماتَ قَبل ذَلكَ؛ لأنَّه لَم يَغلِب عَلى الظَّن مَوتُه فَليسَ لَه شيءٌ؛ لأنَّ حُكم الحَاكمِ يَنزل مَنزِلة اليَقينِ أو غَلبَة الظنِّ، هذا مَا ذَكروه هُنا. والصَّحيحُ أنَّه لا تَقدِير مُحدَّد لانتظَارِ المَفقُود، وإنَّما هذا يُرجعُ فِيه إلى اجْتِهاد الحَاكم، وهذا يَختَلفُ فِي كلِّ وَقتٍ بَحسبِه، فَفي الوَقت المَاضي كَانت
([1])انظر «الكافي» (2/ 380)، و«الإنصاف» (7/ 336).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد