وعن
ابن عباس رضي الله عنهما وغيره من السلف قالوا: يمزج لأصحاب اليمين مزجًا ويشرب
بها المقربون صرفًا، وهو كما قالوا. فإنه تعالى قال: ﴿يَشۡرَبُ
بِهَا﴾ [المطففين: 28] ولم يقل: يشرب منها؛ لأنه ضمن ذلك
قوله:﴿يَشۡرَبُ﴾، يعني: يروي بها،
فإن الشارب قد يشرب ولا يروى، فإذا قيل: يشربون منها، لم يدل على الري، فإذا قيل:
يشربون بها، كان المعنى يروون بها، فالمقربون يروون بها، فلا يحتاجون معها إلى ما
دونها؛ فلهذا يشربون منها صرفًا بخلاف أصحاب اليمين، لأنها مزجت لهم مزجًا،
****
﴿عَيۡنٗا يَشۡرَبُ بِهَا ٱلۡمُقَرَّبُونَ﴾، هؤلاء هم الأبرار،
﴿عَيۡنٗا يَشۡرَبُ بِهَا ٱلۡمُقَرَّبُونَ﴾ الأولون يمزج لهم، ﴿وَمِزَاجُهُۥ مِن تَسۡنِيمٍ﴾، وهناك قال: مسك،
وهنا قال: ﴿يَشۡرَبُ بِهَا ٱلۡمُقَرَّبُونَ﴾ ﴿بِهَا﴾ يشربون خالصًا، ليس
ممزوجا.
«صرفا»يعني: خالصًا،
رحيقًا خالصًا.
فهم أوفر حظًّا من أصحاب اليمين، ومن الأبرار؛ لأن الأبرار وأصحاب اليمين
يشربون الرحيق مخلوطًا بالمسك، وفي الآية الأخرى بالكافور، وأما المقربون،
فيشربونها صرفًا خالصة، ليس معها مزاج.
وهذا أيضًا الفارق؛ الأبرار يشربون منها؛ يعني: وقد لا يروون منها، وأما المقربون، فيشربون بها؛ يعني: يروون منها، فرق بين «يشربون منها»و«يشربون بها». انظر دقة الفهم، ودقة الفقه في القرآن.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد