×
التعليقات على كتاب الفرقان الجزء الأول

وهو كما قال تعالى في سورة الإنسان: ﴿إِنَّ ٱلۡأَبۡرَارَ يَشۡرَبُونَ مِن كَأۡسٖ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا ٥عَيۡنٗا يَشۡرَبُ بِهَا عِبَادُ ٱللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفۡجِيرٗا ٦ [الإنسان: 5- 6].

****

القرآن يوافق بعضه بعضًا، ولا يختلف؛ فمن مزج العمل في الدنيا بشيء من المعاصي، يمزج له الشراب يوم القيامة، ومن أخلص العمل، ولم يكن فيه معصية أبدًا، شرب خالصًا، ليس معه خلط؛ الجزاء من جنس العمل.

تقدم أن الشيخ رحمه الله ذكر أن أولياء الله ينقسمون إلى ثلاثة أقسام، وهم: السابقون المقربون، والأبرار أصحاب اليمين، والظالمون لأنفسهم من عصاة الموحدين. وذكر أعمال كل من الطوائف الثلاث؛ فالمقربون السابقون أدوا الفرائض والنوافل، تجنبوا المحرمات والمكروهات، وصارت أعمالهم كلها عبادة لله عز وجل، وأما الأبرار أصحاب اليمين، فهم المقتصدون الذين أدوا الواجبات، وتركوا المحرمات، وقد يتركون النوافل، أو يفعلون شيئًا من المكروهات، فهؤلاء مقتصدون وأبرار أصحاب يمين، الظالم لنفسه هو المؤمن الذي قد يقع منه بعض الكبائر التي دون الشرك، يفعلون شيئًا من المحرمات، التي هي دون الشرك، فهؤلاء ظالمون لأنفسهم، فجزاؤهم يكون على وفق أعمالهم، فالسابقون الأولون يشربون الرحيق المختوم صرفًا، ليس مع خلط؛ لأنهم خلصوا أعمالهم، صارت كل حياتهم لله عز وجل، وأصحاب اليمين المقتصدون يشربون، لكن من الممزوج بالكافور أو بالمسك، يمزج لهم؛ كما مزجوا في الدنيا العمل بشيء من حظوظ النفس وراحتها في المباحات، والظالم بنفسه هذا تحت المشيئة؛


الشرح