فهؤلاء
المقربون صارت المباحات في حقهم طاعاتٍ يتقربون بها إلى الله سبحانه وتعالى، فكانت
أعمالهم كلها عباداتٍ لله، فشربوا صرفًا كما عملوا له صرفًا،والمقتصدون كان في
أعمالهم ما فعلوه لنفوسهم، فلا يعاقبون عليه، ولا يثابون عليه، فلم يشربوا صرفًا ؛
بل مزج لهم من شرابِ المقربين بحسب ما مزجوه في الدنيا .
****
يعني: أنهم تقربوا إلى الله بترك المباحات، فضلاً عن ترك المكروهات
والمحرومات، فصار عملهم كله لله عز وجل.
شربوا يوم القيامة من شراب الجنة صرفًا، ليس فيه خلط: ﴿عَيۡنٗا يَشۡرَبُ بِهَا
عِبَادُ ٱللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفۡجِيرٗا﴾ [الإنسان: 6]؛ أي:
المقربون، في حين أنه ذكر الأبرار: ﴿إِنَّ ٱلۡأَبۡرَارَ
يَشۡرَبُونَ مِن كَأۡسٖ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا﴾ [الإنسان: 5]؛
ممزوجة بالكافور، وهو طيب الرائحة، لكنه ليس مثل الرحيق الخالص.
فيها ما فعلوه لنفوسهم: تمتعوا بالمباحات، وأعطوا لنفوسهم شيئًا من الراحة في
المباحات، هذا لا يثابون عليه، ولا يعاقبون عليه.
المباح: ما تساوى طرفاه، ليس فيه ثواب، وليس فيه عقاب، فلما أعطوا لأنفسهم شيئًا
من الراحة، فإن ذلك ينقص في جزائهم يوم القيامة عن درجة المقربين، ولهذا يقولون:
حسنات الأبرار سيئات المقربين، المقربون لا يعطون لأنفسهم ما يعطيه الأبرار
لأنفسهم.
لكن يكون جزاؤهم أنقص من جزاء المقربين.
مزج لهم بالكافور، مزج لهم بالمسك.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد