كُنْتَ»، هذه واحدة، وهي في حق الله عز وجل، وفي حق نفسه، «وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا»، الإنسان ليس معصومًا، يقع منه أخطاء، يقع منه مخالفات، فعليه أن يتوب إلى الله، وأن يتبع السيئة الحسنة؛ تمحها؛ كما قال عز وجل: ﴿وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ طَرَفَيِ ٱلنَّهَارِ وَزُلَفٗا مِّنَ ٱلَّيۡلِۚ إِنَّ ٱلۡحَسَنَٰتِ يُذۡهِبۡنَ ٱلسَّئَِّاتِۚ﴾ [هود: 114]، مع التوبة تتبع الطاعة، وتحل محل المعصية طاعة؛ من أجل أن الطاعة تمحو المعصية، تكفِّرها، «وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا»، هذا فيما بين العبد وبين نفسه، أنه يراعيها، ولا يتركها تعمل ما تشاء، والثالثة: بينه وبين الناس: «وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ»؛ رحابة صدر، واستقبال لهم، وانبساط معهم، ولين الجانب معهم، هذا الخلق الحسن، وهو صفة الرسول صلى الله عليه وسلم، قال عز وجل: ﴿فَبِمَا رَحۡمَةٖ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمۡۖ وَلَوۡ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ ٱلۡقَلۡبِ لَٱنفَضُّواْ مِنۡ حَوۡلِكَۖ﴾ [آل عمران: 159]، ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٖ﴾ [القلم: 4]، سئلت عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: «كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ» ([1])، يعني: يمتثل القرآن الكريم، ويعمل به، هذا خُلُق الرسول صلى الله عليه وسلم، والذي يدعو إلى الله يحتاج إلى الخلق: ﴿ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِۖ وَجَٰدِلۡهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُۚ﴾ [النحل: 125]، ﴿فَقُولَا لَهُۥ قَوۡلٗا لَّيِّنٗا لَّعَلَّهُۥ يَتَذَكَّرُ أَوۡ يَخۡشَىٰ﴾ [طه: 44]، فهذه صفات يجب أن يتحلى بها الداعية إلى الله: أن يتقي الله حيثما كان، وأن يتبع السيئة الحسنة تمحها، وأن يخالق الناس بخلق حسن، هذه من أعظم صفات الداعية إلى الله سبحانه وتعالى.
([1]) أخرجه: أحمد رقم (24601).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد