ثُمَّ
قَالَ: «يَا مُعَاذُ ألاَّ أُخْبِرُكَ بِمِلاَكِ ذَلِكَ كُلِّهِ؟» قُلْتُ: بَلَى،
فَقَالَ: «أَمْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ هَذَا»، فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ، قَالَ: يَا
رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ فَقَالَ:
«ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى
مَنَاخِرِهِمْ، إلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ؟» ([1]).
****
يتصدقون على المحتاجين، فهم يجمعون بين هذه الخصال، ومنها الصدقة من
أموالهم على المحتاجين، ﴿وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ
يُنفِقُونَ﴾ [السجدة: 16]، ثم ذكر جزاءهم، فقال عز وجل: ﴿فَلَا تَعۡلَمُ نَفۡسٞ مَّآ
أُخۡفِيَ لَهُم﴾ [السجدة: 17]؛ كما أنهم أخفوا عملهم عن الناس، وقاموا
في جوف الليل، والناس نيام، فإن الله أخفى جزاءهم، بحيث لا يتصور أحد ما يعطيهم
الله عز وجل: ﴿فَلَا تَعۡلَمُ نَفۡسٞ
مَّآ أُخۡفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعۡيُنٖ جَزَآءَۢ بِمَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ﴾ [السجدة: 17]؛
يعني: الجزاء من جنس العمل، فلما آثروا طاعة الله على نومهم وعلى راحتهم، وتصدقوا
من أموالهم على حبهم للمال، فإن الله عز وجل ادخر لهم جزاء لا أحد يقدر على وصفه،
ولا يدركه أحد، فدلَّ على أن الجزاء من جنس العمل، هذه صفات أولياء الرحمن.
««أَمْسِكْ عَلَيْكَ
لِسَانَكَ هَذَا»، فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ»، أخذ صلى الله عليه وسلم بلسان نفسه ليوضِّح لمعاذ
خطر اللسان.
استغرب معاذ رضي الله عنه «قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟»، مع أن الإنسان يتساهل في الكلام، وعنده شيء عادي،
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (2616)، وابن ماجه رقم (3973)، وأحمد رقم (22016).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد