×
التعليقات على كتاب الفرقان الجزء الأول

فهذا يقتضي أنه خلق قبله غيره، ثم قال: «... فبك آخذ، وبك أعطي، ولك الثواب، وعليك العقاب»، فذكر أربعة أنواع من الأعراض، وعندهم أن جميع جواهر العالم العلوي والسفلي صدر عن ذلك العقل. فأين هذا من هذا؟! وسبب غلطهم أن لفظ العقل في لغة المسلمين ليس هو لفظ العقل في لغة هؤلاء اليونان، فإن العقل في لغة المسلمين مصدر عقل يعقل عقلاً،

****

 نعم، العقل موجود، والعقل مخلوق، لا شك أن هناك عقلاً، وأنه مخلوق، لكن ليس هو العقل الذي يريده الفلاسفة، إنما هو العقل الذي خلقه الله، وأودعه في الإنسان؛ يميز به بين الضار والنافع، والحق والباطل، ويتصرف به العقل نعمة من الله عز وجل، وذلك إذا فقد الإنسان العقل، صار أحط من البهائم، العقل نعمة، وهو مخلوق لا شك، وموجود، لكنه ليس العقل الذي قال عنه الفلاسفة: إنه هو المرجع للكون، وإنه هو الذي خلق الكون، وإنه، وإنه...

فالعقل يطلق على العقل الذي به يتصور الإنسان الأشياء، وهو صفة أودعها الله فيه، ويطلق على التعقل وفهم الأشياء: ﴿لَهُمۡ قُلُوبٞ لَّا يَفۡقَهُونَ [الأعراف: 179]، ﴿أَمۡ تَحۡسَبُ أَنَّ أَكۡثَرَهُمۡ يَسۡمَعُونَ أَوۡ يَعۡقِلُونَۚ [الفرقان: 44]؛ يعني: لا يفهمون، وإلا هم عقلاء ليسوا مجانين، لكن «لا يعقلون»؛ يعني: لا يفهمون الأشياء على حقيقتها، «يعقل عن الله»؛ يعني: يفهم عن الله، ﴿يُحَرِّفُونَهُۥ مِنۢ بَعۡدِ مَا عَقَلُوهُ [البقرة: 75]؛ يعني: من بعد ما فهموه ﴿وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ [البقرة: 75].


الشرح