ولكن
متأخروهم كابن سينا أرادوا أن يُلَفِّقوا بين كلام أولئك وبين ما جاءت به الرسل؛
فأخذوا أشياء من أصول الجهمية، والمعتزلة، وركبوا مذهبًا قد يعتزي إليه متفلسفة أهل
الملل، وفيه من الفساد والتناقض ما قد نبهنا على بعضه في غير هذا الموضع. وهؤلاء
لما رأوا أمر الرسل كموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم، قد بهر العالم،
واعترفوا بأن الناموس، الذي بُعث به محمد صلى الله عليه وسلم أعظم ناموس طرق
العالم، ووجدوا الأنبياء قد ذكروا الملائكة والجن، أرادوا أن يجمعوا بين ذلك وبين
أقوال سلفهم اليونان،
****
ابن سينا من الفلاسفة، وهو ينتسب إلى الإسلام، لما رأى القرآن والسنة، ورأى
أنهم ما يتوافقون مع قول الفلاسفة، أراد أن يلفق بين قول الفلاسفة وبين ما يدل
عليه القرآن الكريم، فألبس الفلسفة ثوبًا من التدين، وزعم أنها لا تخالف القرآن.
وهذا تزييف على الناس، يجمع بين النقيضين الضدين، فهذا من التلبيس على الناس.
الناموس هو الشرع والوحي.
اليونان ينكرون الملائكة، وينكرون الجن، وينكرون علم الغيب، ولكن ابن سينا وأقرانه لما رأوا الرسل جاؤوا بذكر الملائكة وذكر الجن، أرادوا أن يلبسوا هذه الأشياء على المسلمين، فكسوها شيئًا من التزوير، وقالوا: إنها لا تخالف ما جاءت به الرسل، وسموا الملائكة بكذا وكذا، وأحدثوا أشياء يبررون بها الفلسفة القديمة، ليبرروها عند الناس، ويدخلوها على الناس؛ لأنه يعز عليهم أن ينكشف عورها وبطلانها.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد