×
الشرح المختصر على متن زاد المستقنع الجزء الثالث

وعلْمُ المَواريثِ عِلمٌ مُهمٌّ جِدًّا، أوْصَى بهِ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم وصَيَّةً خَاصَّةً، وَقال: «تَعَلَّمُوهُ وَعَلِّمُوهُ النَّاسَ، فَإِنَّهُ أَوَّلُ عِلْمٍ يُرْفَعُ مِنْ أُمَّتِي، وَهُوَ يُنْسَى، وَيُوشِكُ أَنْ يَتَخَاصَمَ الاثْنَانِ فِي فَرِيضَةٍ فَلا يَجِدَانِ مَنْ يَحْكُمُ بَيْنَهُمَا» ([1]).

وَذَلكَ؛ لأنَّ هذا العِلمُ يُنسَى وَلأنَّ فِيه صُعوبةً، فَقليلٌ مِن النَّاس مَن تَتجِه رَغبتُه إِلى تعَلُّمه، وَإذا تَعلَّمه فَهُو سَريعُ النِّسيَان، فَلذَلك تَجِب مُدارَستُه والإِكثَار مِن مُعاوَدتِه حتَّى لا يُنْسى.

والمُسلِمونَ بِحاجةٍ إلَيهِ؛ لأنَّ كلَّ مُسلمٍ يَموتُ، وَغالِب المُسلمِينَ عِندَهم أمْوالٌ، فكَانَت الحَاجَة ضَروريَّةً إلى مَعرِفَة الحُكمِ الشَّرعِيَّ أيْن تَؤُول هَذه الأَموالُ، فَإنَّ اللهَ لَم يَترُك هَذه الأَموالَ تَضيعُ أو يُتلاعَبُ بِهَا، وإنَّما بَيَّن مَصارِفهَا بَعد مَوتِ المَيِّت، بِأن تُصرَف إلَى أقارِبِه، مِن عَصبَتِه، وَمن لَهُم فُروضٌ فَرضَها اللهُ فِي تَركَتِه، يَأتِي بَيانُها إِن شَاء اللهُ.

فَهذا عِلمٌ جَليلٌ، قَال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّهُ نِصْفُ الْعِلْمِ» ([2])، فَهذا مِمَّا يَدلُّ عَلى أهمِّيَّتِه؛ لأنَّ النَّاس بَين أمْرَين: حَياةٍ أو مَوتٍ، وعِلمُ المَوارِيث يَتعلَّق بِالحَالِ الثَّانِية وهِي مَا بَعد المَوتِ، فَلذَلك صَار نِصفَ العِلم، وَهذا يَقتَضِي الأهَمِّيَّة بهِ، ولِذلكَ اهْتمَّ بهِ الصَّحابةُ وَمن جَاء بَعدَهُم.


الشرح

([1])أخرجه: الترمذي رقم (2091)، والدارمي رقم (227).

([2])أخرجه: ابن ماجه رقم (2719).