×
شرح كتاب الكبائر

  تَوادِّهم وتعاطفهم، وتراحُمِهم مثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تَداعى له سائر الجسد بالسَّهر والحُمَّى» ([1]). ويقول الصلاة والسلام: «المسلمُ مَن سَلِم المسلمون من لِسانه ويده» ([2]).

وأما حديث عائشة رضي الله عنها مرفوعًا: «إنَّ شرَّ الناسِ مَنزلةً عند الله يومَ القيامة مَنْ وَدَعه الناسُ، أو تَرَكه الناسُ اتِّقاءَ فُحْشِه» فإنَّه يُفهم منه أن الناس يوم القيامة درجات عند الله، كلٌّ حسب عمله، وقد يرفع الله بعض المؤمنين درجات تفضُّلاً منه وفَضْلاً، وشرُّ الناس منزلة وأبعدهم من الله سبحانه هو ذاك الذي يتركه الناس لأجل قبيح فعله وقوله، أو لأجل اتقاء فُحْشه، والفحش: مجاوزة الحدّ الشرعي قولاً أو فعلاً.

وبعض الناس يعتبر أنَّ الناس إذا دارُوه واتَّقوه كان ذلك تعبيرًا عن مدى قوته ورجولته، والحقيقة أنَّ هذا هو الذُّل بعينه، فإنَّه إن أظهر قوته وتكبَّر على إخوانه فإنَّه سَيُذلُّ يوم القيامة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يُحشر المتكبِّرون يومَ القيامةِ أمثالَ الذَّرِّ» ([3])، وإنَّ الذي يتواضع للناس يرفعه الله عز وجل كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : «مَنْ تواضعَ لله درجةً رَفَعه الله درجة حتى يجعله في عِلِّيين، ومَن تكبَّر على الله درجةً، وَضعَه الله درجةً حتى يجعلَه في أسفل السافلين»([4]).

*****


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (6011)، ومسلم رقم (2586).

([2])أخرجه: البخاري رقم (10)، ومسلم رقم (41).

([3])أخرجه: الترمذي رقم (2492)، وأحمد رقم (6677)،. والحميدي رقم (609).

([4])أخرجه: ابن ماجه رقم (4176)، وأحمد رقم (11724).