×
شرح كتاب الكبائر

باب مَن هابَه النَّاسُ خوفًا من لِسانه

وقول الله تعالى: ﴿وَيۡلٞ لِّكُلِّ هُمَزَةٖ لُّمَزَةٍ[الهُمَزة: 1].

عن عائشةَ رضي الله عنها، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنزلَةً عند الله يومَ القيامةِ مَنْ وَدَعَه النَّاسُ -أو تَركَه النَّاسُ- اتِّقاءَ فُحْشِه» ([1]).

***

قوله: من « خافه الناس خوفًا من لسانه » المراد به الرَّجل الذي يترك الناسُ مخالطتَه ومجالستَه خوفًا من سلاطة لسانه، فهو لا يتورَّع عن الشَّتم والوقوع في الأعراض بالهَمْز واللَّمز والفاحشِ من القول، لذلك تجد الناسَ يبتعدون عنه.

وأما قوله: سبحانه وتعالى ﴿وَيۡلٞ لِّكُلِّ هُمَزَةٖ لُّمَزَةٍ هذا وعيد شديد من الله لكل همّاز لَمّاز؛ والهَمْزُ يكون بالفعل، واللَّمز يكون بالقول، كما قال سبحانه: ﴿هَمَّازٖ مَّشَّآءِۢ بِنَمِيمٖ [القَلَم: 11]، أي: يحتقر الناس ويهمزهم طاغيًا عليهم، ويمشي بينهم بالنَّميمة. يقول الله تعالى: ﴿وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمۡ يَتَغَامَزُونَ [المطفّفِين: 30]، يعني: إذا مرَّوا بالمؤمنين فإنهم يتنقَّصونهم، كأن يتلَمَّسوا مَعايبهم فيُبدونها، أو يحرِّكوا ألسنتهم أو شفاههم مغتابين لهم، وهذا كله حرام لا يجوز في حق المسلم، فالله سبحانه قال: ﴿وَلَا تَلۡمِزُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ [الحُجرَات: 11]، أي: لا يطعن بعضكم في بعض، وانظر إلى التعبير القرآني في قوله: ﴿أَنفُسَكُمۡ، يعني: أنَّ نفسك كنفس أخيك، فالمؤمنون كالنفس الواحدة، فما ترضاه لنفسك فارْضَهُ لأخيك، وما لا ترضاه لنفسك لا ترضه لأخيك، يقول النبي عليه الصلاة والسلام: « مَثَلُ المؤمنين في


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (6131)، ومسلم رقم (2591).