باب من أعانَ إلى خصومة في الباطل
الناس تحدث بينهم خصومات ومنازعات وهذا من طبيعة البشر، ولذلك أرسل الله الرسل وأنزل الكتاب ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه، قال سبحانه: ﴿إِنَّآ أَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ لِتَحۡكُمَ بَيۡنَ ٱلنَّاسِ بِمَآ أَرَىٰكَ ٱللَّهُۚ وَلَا تَكُن لِّلۡخَآئِنِينَ خَصِيمٗا﴾ [النِّسَاء: 105]، وقال: ﴿وَأَنِ ٱحۡكُم بَيۡنَهُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَهُمۡ وَٱحۡذَرۡهُمۡ أَن يَفۡتِنُوكَ عَنۢ بَعۡضِ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ إِلَيۡكَۖ﴾ [المَائدة: 49]، ولـمّا توفي النبي صلى الله عليه وسلم كان العلماء هم الذين يقومون بالحكم بين الناس، لأنَّ العلماء ورثة الأنبياء، يحكمون بين الناس فيما اختلفوا فيه، لأن الله قال: ﴿فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلًا﴾ [النِّسَاء: 59]، والردّ إلى الله تعالى هو الردّ إلى كتابه الكريم، والردّ إلى رسوله صلى الله عليه وسلم بعد موته هو الردّ إلى السُّنة الشريفة، والذين يأخذون الحكم من الكتاب والسُّنة هم العلماء الذين يحكمون بين الناس بموجب ما جاء في الكتاب والسنة، وهذا أمر ضروري للبشر، لا سيَّما للمسلمين، والخصوم ليسوا على حدٍّ سواء، فقد يكون منهم من هو أَلْحَن بالحُجَّة من الآخر، وعنده بلاغة، والآخر قد يكون دون ذلك، فالحاكم بشرٌ يقضي على نحو ما يسمع، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنّما أنا بشرٌ، وإنَّكُم تَختَصِمُون إليَّ، ولعل بعضَكُم أن يكونَ أَلْحَن بحُجَّتِه مِنْ بَعضٍ، فأقْضي على نَحْوَ ما أسمَعُ، فمَنْ قَضَيتُ له من حقِّ أَخيه شيئًا فلا يَأْخُذْهُ، فإنَّما أقطَعُ له قِطْعَةً مِنَ النَّارِ»([1]).
الصفحة 1 / 532
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد