وحُكم الحاكم لا
يغير الحق لأنه يقضي على نحو ما يسمع، والحق قد يكون على خلاف ما قضى به، لأنَّ
الحاكم حكم إنما هو على الظاهر، أما الباطن فلا يعلمه إلا الله، ولذلك تعاد
الخصومات عند الله يوم القيامة، ويُنتصف للمظلوم من الظالم، وتؤدى الحقوق إلى
أهلها، فلا يقول أحد: ما دام القاضي حكم في القضية، فالحق صار لي، وهو يعلم في
قرارة نفسه أن الحق لأخيه، هذا لا يجوز لأنَّ حكم الحاكم لا يحل حرامًا ولا يحرم
حلالاً، وإنما يقضي على نحو ما يسمع وبما توفر إليه من البينات، ولذلك قال النبي صلى
الله عليه وسلم: «فإنَّما هي قِطْعَةٌ مِنَ النَّارِ فلْيَأخُذْها أَوْ
لِيَتركْها»([1]).
وقد يكون هناك من ينوب عن الخصم، كالوكلاء والمحامين، وهذا موضوع الباب، فمَن كان يتوكَّلُ عن غيره في خصومة فعليه أن يتقي الله ولا يُزوِّر الحجج، وإنَّما يدلي بالحق والصدق، سواء كان له أو على موكِّله، لأن بعض المحامين والوكلاء يريدون أن يكسبوا الأجرة، فيزوِّر القضية، ويأتي بشهود زُور حتى يكسب القضية ويحصل على ما يعطى مقابل المحاماة والوكالة، فعليه أن يتقي الله، لأنه هو الذي يتحمّل الوِزْر حيث جلب لموكِّله شيئًا ليس له، وظلم الخصم حيث أخذ منه الحق وأعطاه غيره، وفي الأثر: «شرُّ الناسِ مَن ظَلَم الناسَ للناس وباع دينه بدنيا غيره».
([1]) أخرجه: البخاري رقم (7181)، ومسلم رقم (1713).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد