باب ذكر إرادة العُلُوِّ والفساد
وقول الله تعالى: ﴿تِلۡكَ ٱلدَّارُ ٱلۡأٓخِرَةُ نَجۡعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ
عُلُوّٗا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فَسَادٗاۚ وَٱلۡعَٰقِبَةُ لِلۡمُتَّقِينَ﴾ [القصص: 83].
****
هذا من كبائر
القلوب، وهو إرادة العلو والفساد في الأرض، ولهذا أورد المصنِّف رحمه الله قوله
تعالى: ﴿تِلۡكَ
ٱلدَّارُ ٱلۡأٓخِرَةُ نَجۡعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّٗا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فَسَادٗاۚ وَٱلۡعَٰقِبَةُ لِلۡمُتَّقِينَ﴾ [القَصَص: 83]، وقد جاء قوله
تعالى هذا بعد أن ذكر قبله قصة قارون، وكيف أن الله خسف به وبداره الأرض، بعدما
تكبّر وتجبّر على الناس، وجحد نعمة الله وقال: ﴿إِنَّمَآ أُوتِيتُهُۥ عَلَىٰ عِلۡمٍ عِندِيٓۚ﴾ [القَصَص: 78]، ثم قال تعالى: ﴿تِلۡكَ ٱلدَّارُ ٱلۡأٓخِرَةُ﴾ يعني: الجنة ﴿نَجۡعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا
يُرِيدُونَ عُلُوّٗا فِي ٱلۡأَرۡضِ﴾ [القَصَص: 83] أي: تكبُّرًا على الناس ﴿وَلَا فَسَادٗاۚ﴾ [القَصَص: 83] أي: لا يريدون
الفساد في الأرض بالكبر والمعاصي والذنوب والاعتداء على الناس، وهذه الأشياء هي من
مظاهر الفساد في الأرض، فهو جل وعلا يقول: ﴿وَلَا تُفۡسِدُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ بَعۡدَ إِصۡلَٰحِهَا﴾ [الأعرَاف: 56]، فالله تعالى قد
أصلحها بإرسال الرسل وإنزال الكتب، فلا تفسدوا فيها بعد أن أصلحها الله وهيأها
لذلك، وقد قال الله تعالى في وصف المسرفين الذين يفعلون الفساد في الأرض ولا يصدر
منهم الصلاح ألبتَّة: ﴿وَلَا
تُطِيعُوٓاْ أَمۡرَ ٱلۡمُسۡرِفِينَ ١٥١ ٱلَّذِينَ يُفۡسِدُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا
يُصۡلِحُونَ﴾ [الشُّعَرَاء: 151-152]، فالإفساد في الأرض
يكون بارتكاب المعاصي والذنوب، والكفر والشرك، والاعتداء على الناس، وكل هذه
الصفات والأعمال لا يرضى الله عنها ولا يقبلها لعباده، ولهذا قال: ﴿وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُفۡسِدِينَ﴾ [المَائدة: 64].
الصفحة 1 / 532
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد